أرجسية البول كان متسالما بينهما، وإن احتمل كونها عند أبي حنيفة وألزمه بما هو مسلم عنده.
ثم إن الظاهر كون المرة في سائر النجاسات غير الغسلة المزيلة لا بمعنى لزوم مرة بعدها، بل بمعنى إمرار الماء على المحل بعد الإزالة ولو باستمرار الغسلة المزيلة، فإن التطهير وإزالة القذارة لدى العرف معهودان، وإطلاقات الغسل محمولة على ما هو المعهود، وهما متقدمتان على ما مر بما ذكر فلا مجال للأخذ باطلاق الأدلة.
ويظهر مما مر آنفا من أن الغسل للإزالة معهود أنه لا عبرة باللون والريح ونحوهما مما لا تعد لدى العرف من أعيان النجاسات، فغسل الدم من الثوب ليس إلا إزالة عينه بالماء بالطريق المعهود، واللون ليس بدم عرفا وليس بنجس، ولا يحتاج في تطهير الدم إلى إزالته، ولا عبرة بحكم العقل البرهاني ببقاء العين حتى في الرائحة، ولا بالآلات المستحدثة المكبرة للأجزاء الصغار حتى بتوسطها الألوان أعيانا، وهذا واضح لا يحتاج إلى تجشم استدلال بعد وضوح كون المشخص لموضوعات الأحكام مفهوما ومصداقا هو العرف العام.
وأما الروايات المستدل بها للمطلوب فلا تخلو دلالتها عن نوع مناقشة، لأن صحيحة ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال:
" قلت له: إن للاستنجاء حدا، قال: لا حتى ينقى ما ثمة، قلت:
فإنه ينقي ما ثمة ويبقى الريح، قال: الريح لا ينظر إليه " (1).
يحتمل فيها أن يكون الحكم من مختصات الاستنجاء، ولا يجوز إلقاء الخصوصية بعد اختصاصه بالأحكام وتخفيفات لا تعم غيره، نعم لو أراد بقوله عليه السلام: " الريح لا ينظر إليه " أنه ليس بشئ