في اعتبار العدد على الولوغ، وفيما عداه على إزالة النجاسة وغسل الإناء بعد ذلك مرة واحدة لحصول الغرض من الإزالة " انتهى. وتقريب ما ذكره أن النجاسة والطهارة ليستا من الأمور المعنوية التي لم يصلها العقول، بل هما من الأمور الواضحة والمفاهيم الظاهرة عنوانا ومصداقا فإذا علم من الشارع لزوم تطهير الأواني أو غيرها وعدم جواز استعمالها إلا مع طهارتها لا يحتاج العقلاء في تحصيل الطهارة إلى بيان من الشارع كما لا يحتاجون في بيان سائر المصاديق العرفية والعناوين الكذائية إليه واحتمال أن الطهارة أمر غير ما يدركها العقلاء كاحتمال لزوم الغسل تعبدا من غير نظر إلى التطهير وارجاع الشئ إلى حالته الأصلية ضعيف مخالف لظواهر الأدلة وفهم العقلاء منها، ولهذا لا ينقدح في ذهن العقلاء من الأمر بغسل الأواني ثلاثا إلا أنه لغرض تنظيفها، فإذا حصلت النظافة بمرة إذا بالغ في تنظيفها فقد حصل الغرض.
وبهذا الوجه يمكن الاستدلال على جواز الاكتفاء بمرة في الغسل بماء جار أو كثير إذا حصل الغرض من الغمس فيهما، بل يتسع نطاق البيان إلى جميع أنواع النجاسات كالبول والولوغ أيضا، بدعوى عدم إعمال تعبد من الشرع في باب النجاسات والطهارات إلا بجعل مصداق نجسا أو سلب النجاسة عن قذر عرفي، فالطهارة أمر واضح يدركه العقلاء، والأمر بالغسل والدلك والتعفير والتعدد لأجل حصولها من غير إعمال تعبد في ماهيتها، فإذا علم حصولها ولو بنحو مغاير لما في الأوامر الشرعية التوصلية تسقط الأوامر لحصول الغرض.
هذا غاية تقريب كلام المحقق رحمه الله، وبه قال العلامة، وحمل الروايات الآمرة بالعدد على الغالب لا على المقدر، قال في جملة من كلامه في الخمر: والأقرب عندي عدم اعتبار العدد، بل الواجب