جافا من هذه الرطوبة والنداوة حتى لا ينافي كونه رطبا بغيرها بل وحلا فهو ممنوع جدا، لعدم صدق الجفاف واليبوسة عليه كما لا يخفى، مع أن للمسح على الجاف واليابس دخالة في قلع القذارة لدى العرف، فإن مسح شئ رطب رطوبة سارية أو شئ نحو الوحل يوجب انتشار القذارة، بل صيرورة المحل أقذر لا قلعها، ولهذا يناسب الجفاف واليبس للقلع بارتكاز العرف، فيفهم منهم القيدية، وبهما يقيد اطلاق لو كان نعم لا يبعد أن يقال: إن الرطوبة الضعيفة غير السارية غير مضرة، لصدق الجاف بل واليابس على الأرض إذا كانت كذلك سيما بعض مراتبها، ولو كانت الجفاف أعم من اليبوسة وكانت الثانية غير صادقة على الأرض التي لها رطوبة غير سارية فلا يبعد أيضا القول بكفاية الجفاف، بدعوى أن ذكر اليبوسة لكونها أحد المصاديق الحاصلة به التطهير، فيكون كل من الجافة، واليابسة مطهرة وإن كانت الثانية أسرع في القلع وأوقع، وبعبارة أخرى تقييد حسنة المعلى بحسنة الحلبي أبعد من البناء على ما ذكر، وأما تأييد كفاية الرطوبة السارية بل الوحل بأن الملة سمحة سهلة وبحصول الحرج في فصل الشتاء فهو كما ترى وتعتبر طهارة الأرض، لأن الظاهر من قوله عليه السلام: " إن الأرض يطهر بعضها بعضا " التقابل بين الأرض التي تنجس به القدم والأرض المطهرة، فيفهم منه أن الأرض الطاهرة ترفع النجاسة الحاصلة من الأرض القذرة، تأمل.
مضافا إلى أن التناسب بين طهارة الشئ ومطهريته يوجب صرف الذهن إلى ذلك، ولهذا المناسبة قابل الأحول في روايته بين الموضع الذي ليس بنظيف والمكان النظيف، فيمكن أن يستدل على اعتبارها بالرواية للارتكاز المذكور.