ثم إن المراد من الجفاف في صحيحة زرارة وغيرها هو حصول اليبوسة كما في موثقة عمار، ضرورة أنه مع بقاء رطوبة عين البول وكذا سائر المائعات النجسة أو المتنجسة لا يطهر المحل، وهو واضح، والميزان حصول اليبوسة، وعدم بقاء أثر النجس، ولو كان للبول وغيره بواسطة التكرار على المحل جرم لا يتبخر باشراق الشمس لم يطهر، وهذا هو المراد من استثناء المحل المتخذ مبالا في صحيحة زرارة وحديد ولعله مراد الشيخ من استثناء الخمر.
والظاهر من النصوص أن يكون الجفاف واليبس حاصلا باشراقها استقلالا، فلو اشترك معه غيره ولو بتنشيف المحل بحيث لا يبقى من الرطوبة السارية شئ أو أعينت الشمس في فعلها بحرارة ونحوها لا يطهر المحل، وكون الشمس متأخرة في التأثير في بعض الصور لا يوجب استقلالها في حصوله، نعم لا يضر تقليل العين والرطوبة عنه مع بقاء شئ من الرطوبة السارية للصدق العرفي.
لا يقال: إطلاق موثقة عمار أي قوله عليه السلام: " إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة " يقتضي طهارته ولو مع نداوة غير سارية فاللازم استقلال الشمس في تحصيل اليبوسة، وهو حاصل ولو كان الوصول إلى حد الرطوبة غير السارية بفاعل آخر، بل ولو لم يبق للمحل إلا نداوة ضعيفة جدا، لصدق أن المحل كان قذرا بالبول ويبس بالشمس فإنه يقال: إطلاقها محل تأمل، لأن اليبوسة فيها في مقابل الرطب المذكور في الفقرة الثانية، وهو لا يصدق على النداوة الضعيفة غير السارية، فإن المتفاهم من كون الشئ رطبا ولو بالانصراف هو كونه ذا نداوة سارية، ولا يلزم أن تكون الرطوبة أيضا كذلك، أي لا تصدق