واحتمال كون الأشدية باعتبار وجوب غسل الجنابة منه دون البول بعيد أيضا، لأن الظاهر منها أن الحكم لطبيعة المني لا لخروجه من المجرى، فبقي الاحتمال الأول، وما ذكر وإن لم يثبت جزما ولا يوجب ظهورا لكن يقرب دعوى الاطلاق فيها.
والانصاف أن دعواه في تلك الروايات لا تقصر عن دعواه في كثير من الموارد التي التزموا به، نعم لا إشكال في اختصاص ما اشتملت على الجنابة أو الاحتلام بالآدمي، لكن لا يوجب ذلك طرح الاطلاق في غيرها. وأما موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه " (1) فالظاهر انصرافها إلى البول والروث مما كثرت الروايات في التعرض لهما ولحكمهما، ولهذا لا ينقدح في الذهن منها عدم البأس بدمه.
نعم لو قلنا باطلاقها وشمولها للمني لا يعارضها تلك المطلقات لتقدمها عليها بنحو حكومة، ولو نوقش فيها فالأهون الجمع بينهما بحملها على الاستحباب بقرينة نفي البأس النص في عدم النجاسة.
وأما موثقة ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال:
" إن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وشعره وبوله وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح " (2) فمحمولة على ما كانت التذكية دخيلة فيه بمناسبة الشرطية، لا مثل الدم والمني، نعم في مثل البول والروث ظاهرها طهارتهما، وعلى أي تقدير لا إشكال في الحكم بعد الاجماع وما تقدم من الأخبار.
وأما غير ذي النفس من الحيوان فلا يبعد انصراف الأدلة عنها،