وبالجملة لا ينقدح في الأذهان الخالية عن الدقائق العلمية والفارغة عن الشبهات المخرجة للنفوس عن السذاجة لفهم المطالب العرفية أن للتراب خصوصية ليست لغيرها، فكما لا يفهم العقلاء من قوله: " رجل شك بين الثلاث والأربع " أن للرجل خصوصية فلا يكون إسراء الحكم إلى المرأة قياسا كذلك الأمر فيما نحن فيه.
ولولا مخافة مخالفتهم لقلنا بقيام كل قالع مقامه، لكن الخروج عما قالوا مشكل، بل الخروج عن مورد النص كذلك، فالاقتصار على مورده لو لم يكن أقوى فهو أحوط، سيما في هذه النجاسة المجعولة من قبل الشارع.
وأما سقوط التعفير مطلقا مع فقد التراب والاقتصار على الغسلتين فغير وجيه جدا، فهو نظير الالتزام بسقوط إحدى الغسلتين إذا فقد الماء إلا لمرة أو سقوطهما مع فقده.
كما أن قيام غير التراب مقامه حال الفقدان والعذر كذلك، لأن خصوصية التراب إما معتبرة، فلا تتحقق الطهارة إلا به، والعذر والفقدان لا يوجبان مطهرية غير المطهر، ودليل الميسور مع عدم ثبوت جابر له وعدم كون مثل المورد مصبه لا يدل على حصول الطهارة بالميسور، ولهذا لو فقد الماء بمقدار الغسلتين لا يقوم المرة مقام المرتين بدليله.
كما أن مثل المورد ليس مجرى دليل الحرج والضرر، ولا يكون دليلهما مشرعا، ولهذا لو فقد الماء والتراب لا يمكن أن يقال بطهارة الإناء، وهو واضح، فالأوجه من تلك الأقوال قول أبي علي، وإن كان الوقوف على ظاهر النص وكلمات الأصحاب أحوط أو أوجه.
الرابع - لو لم يمكن التعفير، فهو إما لضيق المجري بحيث لا يمكن معه ذلك ولو بآلة كخشبة رقيقة أو ميل كذلك تجعل رأسهما