بيان ما كانت غايته التخليل، اللهم إلا أن يقول: الذي أحصله منها ذلك، كما قال في عبارة الصدوق، فلا كلام لنا حينئذ.
وثالثا أنه لقائل أن يقول: إن إطلاق ذيل الصحيحة يقتضي أن يحل ما أصابته النار بذهاب الثلثين ولو بغير النار، ومجرد كون الغليان بالنار لا يوجب صرفه إلى كون التثليث بها، ولو توهم الانصراف فهو بدوي، كما أن ندرة الوجود لا توجبه، بل متقضى إطلاق صدرها أن ما أصابته النار أعم مما كانت الإصابة بعد النش بنفسه أو لا، وأول مراتب النش ليس بنادر في العصير الذي يتهيأ للطبخ، سيما إذا كان كثيرا ويعصر بتدريج، وسيما إذا كان في المناطق الحارة، وليس ظهور الصحيحة في حدوث الحرمة بإصابة النار ظهورا يدفع الاطلاق، سيما مع قوة احتمال أن يكون المقصود الأصلي فيها بيان غاية التحريم.
فتكون دالة على خلاف مدعاه من وجهين: أحدهما دعواه بأن ما غلى بنفسه لا يحل ولا يطهر إلا بصيرورته خلا ولا يفيده ذهاب الثلثين بالنار، وهي دالة على خلافها، وثانيهما دعواه بأن ما غلى بالنار لا يحل إلا بذهاب ثلثيه بها، وهي دالة على خلافها.
الاعضال الثالث أنه قد وقع في موثقة عمار ما لم يهتد إلى وجهه وسره أغلب الواقفين عليها قال عمار: " وصف لي أبو عبد الله عليه السلام المطبوخ كيف يطبخ حتى يصير حلالا، فقال: تأخذ ربعا من زبيب وتنقيه، ثم تصب عليه اثني عشر رطلا من ماء، ثم تنقعه ليلة، فإذا كان أيام الصيف وخشيت أن ينش جعلته في تنور مسجور قليلا حتى لا ينش - إلى أن قال -: ثم تغليه بالنار، فلا تزال تغليه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث " (1) فإن هذه الفقرة مما تحير الناظر من وجهين: