هذا مع ما في جملة من الروايات المصرحة بعدم البأس عن عرق الجنب لا يبعد دعوى تحكيم بعضها على تلك الأخبار، مثل ما عن أمير المؤمنين عليه السلام: قال " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلصق عليهما؟ فقال: إن الحيض والجنابة حيث جعلهما الله عز وجل ليس في العرق، فلا يغسلان ثوبهما " (1).
وعن أبي عبد الله عليه السلام: " لا يجنب الثوب الرجل، ولا يجنب الرجل الثوب " (2) فلو كان عرق الجنب موجبا للنجاسة أو المانعية في الجملة لم يعبرا بمثل ما ذكر فيهما، هذا ولكن الاحتياط لا ينبغي أن يترك سيما بالنسبة إلى المانعية.
ومنها - عرق الإبل الجلالة، والأقوى نجاسته وفاقا للمحكي عن الصدوقين والشيخين في المقنعة والنهاية والمبسوط والقاضي والعلامة في المنتهى وصاحب كشف اللثام والحدائق واللوامع، وعن الرياض أنها الأشهر بين القدماء، وقد تقدم ما في الغنية والمراسم من نسبة إلحاقه بالنجاسات في الأول، ونسبة وجوب إزالته عن الثياب في الثاني إلى الأصحاب.
وما قلنا في المسألة السابقة: إن المحتمل في الأول الالحاق الحكمي، ولم يكن الثاني صريحا في النجاسة لدفع تحصيل الشهرة أو الاجماع بابداء الاحتمال لا ينافي تشبثنا بكلامهما في المقام، للفرق بين المسألتين بأن هناك لم يدل دليل معتمد على النجاسة، بل ولا على المانعية فاحتجنا في اثباتها إليهما ولو لجبر سند بعض ما تقدم، والمناقشة في تحققهما أو جبر الاسناد بهما بما تقدم كافية فيه.