وربما تشهد لما ذكرناه رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة " (1) ولو أريد بها المساجد المعهودة فمقتضى الجمع بينها جواز جعل الكنيف بعد تطهيره وتنظيفه مسجدا، وعليه يحمل المطلق منها، وأما إلقاء التراب فلكمال النظافة لا للتطهير الشرعي، ولهذا أمر به مع فرض السائل تنظيفه، وحمل التنظيف في لسان السائل على الكنس مع بقاء النجاسة لا وجه معتد به له.
وكيف كان لا يمكن التشبث بتلك الروايات على جواز تنجيس بواطن المساجد أو عدم وجوب تطهيرها، نعم ربما يقال: إن المتيقن من معاقد الاجماع والروايات تطهير ظواهرها، وفيه أن المسجد عنوان معهود واسم للمعبد المعهود بين المسلمين والمعنى الوضعي منسي، والاجماع القائم على تجنب المساجد النجاسات يدل على وجوب ما يصدق عليه هذا العنوان، وهو مجموع ما جعلت للمعبدية، أرضها إلى مقدار متعارف وسقفها وجدارها داخلا وخارجا، وليس المسجد من قبيل المطلق حتى يؤخذ بالقدر المتيقن فيه، بل هو كالعلم اسم لهذه البنية، فالأظهر حرمة تنجيس أجزائه ظاهرا وباطنا، بل لا يبعد استفادة حرمة تنجيس حصيره وفرشه بالمناسبات المغروسة في الأذهان من النبوي ومعقد الاجماع بل الظاهر معهوديتها لدى المتشرعة.
ثم إنه كما يحرم تنجيسه يجب إزالة النجاسة منه، ولا يبعد أن يكون قوله صلى الله عليه وآله: " جنبوا مساجدكم " وكذا معاقد الاجماعات ظاهرة في وجوب الإزالة. لكن المتفاهم منها عرفا أن الأمر بها وبتجنب المساجد لمبغوضية تنجيسها حدوثا وبقاء، ومنه يعلم أن