وغير الأدلة الدالة على انفعال الماء القليل وسائر المايعات (1) وهي تبلغ في الكثرة حد التواتر، وفيه أن تلك مسألة برأسها لا تكون أوضح من هذه المسألة، ولا ملازمة بينهما كما لا يخفى، هذا غاية ما يمكن لنا ذكره في هذا المختصر لتأييد مذهبهما.
لكن الانصاف عدم خلو كثير من تلك الأخبار من المناقشة إما في السند أو في الدلالة أو الجهة، لو حاولنا ذكرها تفصيلا لطال بنا البحث، كما أن، الانصاف خلو بعضها منها، لكن مع ذلك كله لا يمكن الاتكال في تلك المسألة التي عدت من الضروريات على تلك الأخبار المعرض عنها أو عن إطلاقها خلفا عن سلف. وقد مر منا مرارا أن دليل حجية أخبار الثقة ليس إلا بناء العقلاء مع إمضاء الشارع، ومعلوم أن العقلاء لا يتكلون على أخبار أعرض عنها نقلتها وغيرهم، بل ادعى جمع من الأعاظم الاجماع على تنجيس المتنجس فضلا عن النجس، فهذه المسألة من المسائل التي يقال فيها: إنه كلما ازدادت الأخبار فيها كثرة وصحة ازدادت وهنا وضعفا، هذا مع تظافر الأخبار بسراية النجاسة من المتنجس كما يأتي، فضلا عن النجس.
الجهة الثانية: بعد الفراغ عن السراية من الأعيان النجسة يقع الكلام في السراية من المتنجس إلى ملاقيه، إما في الجملة أو مطلقا ولو بلغ ما بلغ، وهي الجهة الثالثة.
وقد نسب الخلاف في أصل السراية إلى ابن إدريس، واختاره صريحا المحدث الكاشاني، لكن لم يظهر من الحلي الانكار مطلقا، أي في مطلق المتنجسات، لاحتمال اختصاص كلامه بميت الانسان، وإن