حرمة إدخال النجاسات في المسجد الحرام وبين إدخالها في سائر المساجد على فرض تسليم دلالتها بالنسبة إلى المسجد الحرام بحيث يرجع إلى الاجماع على التلازم أنى لنا باثباته.
فالقول بجواز إدخال النجاسات غير المتعدية الغير المستلزمة لهتك حرمة المسجد لا يخلو من قوة، فإن عمدة الدليل على عدم الجواز دعوى الاجماع والشهرة ودلالة الآية، وقد تقدم الكلام فيهما.
وأما قوله تعالى: " وطهر بيتي للطائفين " (1) فهو أجنبي عن إدخال النجاسة غير المتعدية فيها، مع أن الخطاب لإبراهيم عليه السلام أو هو وإسماعيل عليه السلام كما في آية أخرى (2) وأما ما عن النبي صلى الله عليه وآله " جنبوا مساجدكم النجاسة " (3) ففي سنده ودلالته إشكال، إذ استنادهم إليه غير ثابتة، واحتمال أن يكون المراد بالمساجد محال السجدة قريب.
هذا مضافا إلى ما دلت على جواز اجتياز الجنب والحائض المساجد بما لا يمكن حملها على الجواز الحيثي، كصحيحة أبي حمزة قال:
" قال أبو جعفر عليه السلام: إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم، ولا يمر في المسجد إلا متيمما، ولا بأس أن يمر في سائر المساجد، ولا يجلس في شئ من المساجد " (4) وهي كما ترى ظاهرة في أن الذي احتلم يجوز له الاجتياز، وهو حكم فعلي لا حيثي.