تنبيه آخر:
قد اختلفت كلماتهم في كفر منكر الضروري ونجاسته، فلا بد من تمحيص البحث في منكره بما هو في مقابل منكر الألوهية والنبوة، وأما البحث عن المنكر الذي يرجع إنكاره إلى إنكار الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وآله فهو خارج عن محط البحث، ضرورة أن الموجب للكفر حينئذ هو إنكار الأصلين لا الضروري، وهو بأي نحو موجب له نعم أحد مبرزاته إنكار الضروري أحيانا، فالبحث المفيد هاهنا هو أن إنكاره مستقلا موجب للكفر كانكارهما أو لا؟.
ثم إن القائل بأن إنكاره موجب له إذا رجع إلى إنكار أحد الأصلين من المنكرين لموجبيته له، فقد استدل الشيخ الأعظم على كفره بوجوه: منها أن الاسلام عرفا وشرعا عبارة عن التدين بهذا الدين الخاص الذي يراد منه مجموع حدود شرعية منجزة على العباد كما قال الله تعالى: " إن الدين عند الله الاسلام " (1) ثم تمسك بروايات يأتي حالها، ثم قال: وأما ما دل من النصوص والفتاوى على كفاية الشهادتين في الاسلام فالظاهر أن المراد به حدوث الاسلام ممن ينكرهما من غير منتحلي الاسلام، إذا يكفي منه الشهادة بالوحدانية والرسالة المستلزمة للالتزام بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله إجمالا فلا ينافي ما ذكرنا من أن عدم التدين ببعض الشريعة أو التدين بخلافه موجب للخروج عن الاسلام، وكيف كان فلا إشكال في أن عدم التدين بالشريعة كلا أو بعضا مخرج عن الدين والإسلام.