على هذا الحال أو غلى من غير أن يصيبه النار فهو خمر، وإن لم يترك طبخه حتى ذهب ثلثاه كان حلالا، وإن غلى بنفسه كان خمرا لا يفيد فيه التثليث إلا أن ينقلب خلا " انتهى.
وليت شعري من أين حصل له هذا الأمر المخالف لظاهر الكلام بل صريحه؟ ومن أين لفق بالعبارة قوله: " وترك على هذا الحال " وقوله: " وإن لم يترك طبخه حتى يذهب ثلثاه كان حلالا " حتى وافقت مذهبه بعد مخالفتها له؟ مع أنه على فرض كون مراده ذلك لا يتضح موافقته لمذهبه، لما مر من أن هؤلاء إنما يكون كلامهم في مسألة الحلية والحرمة، لا النجاسة والطهارة، ولم يتضح أن مراده من كونه خمرا أنه هو تكوينا، ولعله تبع بعض النصوص في إطلاق الخمر عليه كما هو دأبه، ولم يظهر منه ولا من الفقهاء ملازمة النشيش والغليان من قبله نفسه مع الاسكار وإن نسب صاحب الرسالة ذلك أيضا إليهم من غير حجة، بل مع الحجة على خلافه كما لعلنا أشرنا إليها من ذي قبل.
الاعضال الثاني: أنه قد ورد في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كل عصير أصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه " (1).
هذا التقييد لا يتضح وجهه مع أنه بصدد إعطاء القاعدة، وموضوع الحكم مطلق ما غلى بنفسه أو بالنار، فالتقييد مخل إن قلنا بمفهوم الوصف، وموجب لعدم دلالته على حكم ما غلى بنفسه إن لم نقل به، فالمناسب أو المتعين أن يقول: " كل عصير غلى فهو حرام حتى يذهب ثلثاه " وجعل وجه حله أن الحديث في مقام بيان الحرمة المحدودة بذهاب الثلثين، وليست إلا في العصير المطبوخ، فالتقييد في موقعه، والضابطة