ليس منكرا للضروري، لعدم كون الأمر بين الأمرين من ضروريات الدين، بل ولا من ضروريات المذهب، وإن كان ثابتا بحسب الأخبار بل البرهان كما حقق في محله.
والانصاف أن الأمر بين الأمرين بالمعنى المستفاد من الأخبار والقائم عليه البرهان الدقيق لا يمكن تحميل الاعتقاد به إلى فضلاء الناس فضلا عن عوامهم وعامتهم، ولهذا ترى أنه قلما يتفق لأحد تحقيق الحق فيه، وسلوك مسلك الأمر بين الأمرين من دون الوقوع في أحد الطرفين أي الجبر والتفويض سيما الثاني.
فتحصل مما ذكر عدم كفر الطوائف المتقدمة، فما عن غير واحد من أن نجاسة الغلاة إجماعية أو لا خلاف ولا كلام فيها، فالقدر المتيقن منه هو الغلو بالمعنى الأول لا بمعنى التجاوز عن الحد مطلقا، وما عن الشيخ وغيره من نجاسة المجسمة، وعن حاشية المقاصد والدلائل " لا كلام في نجاستهم " لعل المراد منهم من توجه والتفت إلى لازمه، وإلا فلا دليل عليها كما تقدم، وكذا الكلام في المجبرة والمفوضة.
بقي الكلام في المنافقين الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر، فإن قلنا بأن الاسلام عبارة عن الاعتقاد بالأصول الثلاثة، وكلمة الشهادتين طريق إثباته في الظاهر أو أنه عبارة عن الاقرار باللسان والاعتقاد بالجنان فيكون الموضوع الأحكام مركبا من جزئين وجعل أحدهما طريقا للآخر فلا إشكال في كفرهم واقعا وإن رتبت عليهم أحكام الاسلام ظاهرا ما لم يثبت خلافه، فإذا علمنا بنفاقهم لا يجوز إجراء الأحكام عليهم.
فحينئذ يقع الاشكال في المنافقين الذين كانوا في صدر الاسلام، وكان النبي صلى الله عليه وآله والوصي عليه السلام يعاملان معهم معاملة