العنب شرابا يشبه العسل، فجعل عمر يرفعه بإصبعه يتمدد كهيئة العسل فقال: كأن هذا طلاء الإبل، ولعل هذا صار سببا لتسميته به، كما أن البختج الوارد في بعض الروايات هو العصير المطبوخ، لا مطلق المطبوخ وهو واضح، ولا المطبوخ من سائر العصارات التي تجعل خمرا، لتعارف الطبخ في العصير دون غيره، ولأن الطبخ على الثلث كما في بعض رواياته هو التثليث المعهود في عصير العنب، ولم يعهد وروده في الروايات في غيره إلا في شاذ غير معتمد عليه، ولتفسيره به، فعن النهاية: " البختج العصير المطبوخ وأصله بالفارسية: مي پخته " وفسره في المجمع أيضا به.
بل قد يقال: إنه مفسر في كلام الكل بالعصير المطبوخ، وقد يقال باتفاق اللغويين على ذلك، ولعل مراده اتفاق المتعرض لتفسيره، وإلا فلم يتعرض الكل لذكره أو تفسيره، نعم الفقهاء المستدلون على نجاسة العصير المغلي بصحيحة معاوية بن عمار الآتية لم يعهد استدلالهم بها على نجاسته سائر العصارات.
فقد تحصل مما مر أن العناوين الثلاثة الواردة في الأخبار حرمتها قبل ذهاب الثلثين أي العصير والطلاء والبختج هي خصوص العصير العنبي حتى المطلقات والعمومات كصحيحة عبد الله بن سنان قال: " ذكر أبو عبد الله عليه السلام أن العصير إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو حلال " (1) وصحيحته الأخرى عنه عليه السلام قال: " كل عصير أصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه " (2) وغيرهما.
وكيف كان فقد استدل على نجاسة العصير المغلي تارة بالاجماع