ودعوى إلقاء الخصوصية عرفا من قوله عليه السلام: " فإن غسلته بالماء الجاري فمرة واحدة " - فإن الاكتفاء فيه بها ليس إلا لقاهريته واستهلاك النجاسة فيه، ولا دخالة للمادة والجريان فيه، بل ربما يدعى القطع بالمساواة - فيها ما لا يخفى، لعدم مجال لالقائها عرفا بعد ما نرى أن للجاري خصوصية عرفا ولدى العقلاء، ومن هنا لا ظن بالمساواة فضلا عن القطع به، سيما مع ما في الأحكام من المناطات التي تقصر العقول عن إدراكها.
ولقد أطنب المحقق صاحب الجواهر وأكثر في الاستدلال على الاكتفاء ولم يأت بشئ مقنع يمكن التشبث به في مقابل الاطلاقات والأصل.
ثم إن مقتضى الأدلة عدم الفرق بين بول الانسان وغيره من الحيوانات غير المأكولة، ودعوى الانصراف وعدم الاطلاق ضعيفة، كما لا يتوهم فيما ورد في الدم وغيرها مع كونهما من قبيله أو أسوأ حالا، بل لا يبعد استفادة حكم سائر الأبوال لو فرض السؤال عن بوله الذي أصاب ثوبه، فإنه كما تلقى الخصوصية من الثوب عرفا تلقى من البول، فيقال: إن الحكم لطبيعة البول لا لبول نفسه أو نوعه، تأمل.
مضافا إلى أنه لا قصور في إطلاق صحيحة ابن مسلم وأبي إسحاق وابن أبي يعفور وغيرها، والظاهر منها أن الحكم لنفس طبيعته، وقلة الابتلاء ببول غير الانسان وكثرة الابتلاء ببوله لا توجب الانصراف كما لا تنصرف سائر المطلقات عن الأفراد القليلة الابتلاء بها، مع منع قلة الابتلاء عن بعض الأبوال.
مضافا إلى موثقة سماعة قال: " سألته عن أبوال الكلب والسنور والحمار والفرس، فقال: كأبوال الانسان " (1) ومقتضى عموم التشبيه