فالمفيد رحمه الله قائل بأن المأكول حرام كحرمة الخمر أو حرمة المال الذي أخذ بحكم حاكم الجور أو حرمة لحم الموطوء أو العين المنذور عدم أكلها، وكل ذلك يرجع إلى حرمة أكل هذه العناوين ذاتا أو عرضا بالمعنى الذي أشرنا إليه على تأمل في المثال الأخير، قد أشرنا إليه في بعض مسفوراتنا.
والمحقق رحمه الله منكر لذلك إما لأن المحرم التناول والاستعمال كما قدمنا تقريبه وتقويته، وإما لأن المحرم الشرب والأكل من الإناء لا شرب المائع أو الماء كما تقدم، وقد تقدم الكلام في حديث الجرجرة وإنما ارتكبنا في المقام التطويل الممل مع وضوح المطلب بنظر القاصر لما وقع الخلط من بعض أهل التحقيق، وحمله كلام المحقق على غير مرضيه.
الرابعة:
إن قلنا بأن المنهي عنه استعمال الأواني فالأقوى صحة الوضوء والغسل بها، سواء كانا بالاغتراف أو الارتماس، وسواء كان الماء منحصرا ولم يمكن إفراغه في غيرها أم لا.
أما في صورة عدم الانحصار وإتيانه بالاغتراف فواضح، وأما مع الانحصار والآتيان بالاغتراف فلأن غاية ما يقال في وجه البطلان: عدم الأمر بهما أو عدم تنجز التكليف بهما، وفيه أن صحتهما لا تتوقف على الأمر، ولا على تنجزه، وكفى فيها عباديتهما ومطلوبيتهما الذاتية والمفروض أن النهي لم يتعلق بهما، والتبديل بالتيمم ليس لمبغوضيتهما في هذه الحالة، بل لمبغوضية استعمال الإناء.