كون المستصحب أمرا موجودا، بل ما يعتبر فيه هو فعلية الشك واليقين لا فعلية المتيقن والمشكوك فيه، وكون المتعلق ذا أثر قابل للتعبد في زمان الشك.
فلو تعلق اليقين بعدم شئ وكان له أثر في زمان الشك يجري الاستصحاب بلا شبهة فضلا عن المقام، فإن اليقين متعلق بقضية شرعية هي أنه إذا نش العصير أو غلى يحرم، أو إذا أصابته النار فهو خمر، وشك في بقائها بعد انطباقها على العنب الخارجي لأجل صيرورتها زبيبا، والتعبد به ذو أثر في زمان الشك، وهو الحكم بالنجاسة والحرمة إذا تحقق الغليان.
وأما ما قيل بأن معنى الاستصحاب التعليقي هو الشك في بقاء الحكم المرتب على موضوع مركب من جزئين عند فرض وجود أحد جزئيه وتبدل بعض حالاته قبل فرض وجود الجزء الآخر.
ثم استشكل على الاستصحاب التعليقي تارة بأن الحكم المرتب على الموضوع المركب إنما يكون وجوده وتقرره بوجود الموضوع بما له من الأجزاء والشرائط لأن الموضوع كالعلة للحكم، ولا يعقل تقدم الحكم عليه، فلا معنى لاستصحاب ما لا وجود له، وتارة بأنه ليس للجزء الموجود من المركب أثرا إلا إذا انضم إليه الغليان، وهذا مما لا شك فيه، فلا معنى لاستصحابه، وتارة بأن هذه القضية التعليقية عقلية، لأنها لازم جعل الحكم على الموضوع المركب.
فلا ينبغي أن يصغى إليه، بعد خلطه بين القضايا التعليقية التي موضوعها نفس العناوين، وحكمها تعليقي، والمعلق عليه واسطة في ثبوت الحكم للموضوع، وبين القضايا التنجيزية التي موضوعها أمر موكب من جزئين: أي العصير والغليان، وهو مبنى إشكاله الأول.