لا يشك في أن نجاسة الدم مطلقا كانت معهودة مفروضة التحقق لدى السائل والمسؤول عنه، كما تشهد به صحيحة أبي بصير قال: " دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو يصلي فقال لي قائدي: إن في ثوبه دما فلما انصرف قلت له: إن قائدي أخبرني أن بثوبك دما، فقال: إن بي دماميل ولست أغسل ثوبي حتى تبرء " (1) في غير محلها لأن المسلم من معهوديتها إنما هو بنحو الاجمال لا الاطلاق، كما هو واضح. وأما الرواية فلا تدل على معهوديتها مطلقا، فإن الدم في ثوبه لم يكن إلا من دمه الشريف عادة أو نظيره، ولم يحتمل الناظر غير ذلك، كدم العلقة أو المخلوق آية.
كدعوى إلغاء الخصوصية عرفا من الروايات الواردة في دم الرعاف وحكة الجلد وغيرهما، فإن إلغاء الخصوصية إنما هو فيما لا تحتمل خصوصية عرفا، وأما مع احتمال أن للدم الظاهر أو في الأجزاء الأصلية خصوصية فلا مجال لإلغائها، مع امكان أن يقال: إن إلغاء الخصوصية إنما هو فيما إذا كانت الروايات بصدد بيان نجاسة الدم، وأما بعد مفروضية نجاسته والسؤال عن حال الابتلاء به فلا مجال لإلغائها.
فتحصل مما ذكرناه أن الأصل في الدم الطهارة إلا أن يدل دليل على نجاسته.
والظاهر أن دم ما له نفس سائلة مع خروجه إلى الظاهر مما لا كلام ولا إشكال في نجاسته، وقد ادعي الاجماع في الدم من ذي النفس السائلة في محكي المختلف والذكرى وكشف الالتباس وشرح الفاضل، وعن الغنية والتذكرة لا خلاف فيه، وعن المنتهى ونهاية الأحكام والمعتبر