ثم إن المستفاد منها أصل التفصيل، وأما مقدار المعفو عنه فمستفاد من سائر الروايات بعد الجزم بعدم التفصيل فيه بين الثوب والبدن، ومن صحيحة ابن مسلم المتقدمة، فإن قوله عليه السلام: " وما كان أقل من ذلك فليس بشئ " ظاهر في أن القليل منه لأجل قلته ليس بشئ ولا يكون مانعا، وأن القلة بما هي تمام الموضوع لعدم المانعية ولو كان الثوب دخيلا في الحكم لم يتجه ذلك التعبير.
بل يمكن الاستيناس بعدم دخالة الثوب في الروايات بمقطوعية عدم دخالته في الدم الذي بمقدار الدرهم أو أكثر، مع أنه مذكور فيها أيضا، فالقطع بعدم دخالته في غير المعفو عنه وأنه ذكر تبعا للسائل أو من باب المثال يقرب أن ذكره في المعفو عنه أيضا كذلك. فإن التفرقة بين الفقرات خلاف ظاهر السياق وارتكاز العرف.
ومن رواية مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت: إني حككت جلدي فخرج منه دم، فقال: إن اجتمع قدر حمصة فاغسله وإلا فلا " (1) بعد عدم إمكان التفصيل بين الثوب والبدن في مقدار الدم، وفساد حمل الرواية على عدم نجاسته إذا كان أقل من حمصة، لمخالفته لارتكاز العقلاء والمتشرعة، بل للقطع بفساده، فلا محيص عن حملها على عدم مانعية الأقل منها، وهو يعطي التفصيل بين القليل والكثير في البدن، وإن كانت في مقدار محمولة على بعض المحامل، تأمل.
وكيف كان لا إشكال في أصل الحكم، وإنما الاشكال في أن مقدار الدرهم غاية للرخصة أو للمنع، فالمشهور كما عن كشف الالتباس والمسالك الثاني، بل في الخلاف الاجماع عليه، وذهب سلار إلى الأول، وربما