الاجماعات المستفيضة المنقولة، والشهرة المحققة على لزوم تبديل القطنة في أوقات الصلاة في القليلة منها، مع أن الغالب فيها عدم بلوغ الدم بمقدار الدرهم، سيما إذا قلنا بأن مقداره قدر أخمص الراحة، فالشهرة قائمة على وجوب التبديل من غير تفصيل من الصدر الأول، وهي الحجة القاطعة سيما مع ما مر في محله من أن إطلاق الأدلة على خلاف الاجماعات والشهرات، ومعه يزيد الوثوق بها.
ولا شبهة في أن التبديل ليس واجبا تعبديا نفسيا، بل لمانعيته عن الصلاة، كما لا شبهة في أن الظاهر من الأدلة أن المانع هو الدم بما هو من غير دخالة للقطنة والمحل فيه، ولهذا قلنا بلزوم تبديل الخرقة أيضا إن تلوثت به، فيستفاد منها مانعيته في الثوب والبدن قليلا كان أو كثيرا.
بل يمكن الاستدلال عليه باطلاق بعض ما ورد في المستحاضة المتوسط على لزوم تبديل القطنة (1) لعدم ملازمة التوسط مع كون الدم بمقدار الدرهم، فإن الميزان فيه هو ثقب القطن، ولا يلزم منه أكثريته منه، فلو منع ذلك فيكفي ما تقدم، فالحاقهما بالحيض مع أنه أحوط لا يخلو من قوة.
ومنها - دم نجس العين، فقد استثناه العلامة في القواعد والتذكرة وعن سائر كتبه ذلك، بل عن جملة من الأصحاب استثناؤه، وعن الطوسي والراوندي استثناء دم الكلب والخنزير، وربما ينسب إليهما استثناء مطلق دم نجس العين، وعن ابن إدريس بعد نسبة استثناء دم الكلب والخنزير إلى الراوندي معللا بأنه دم نجس العين قال: " وهذا خطأ عظيم وزلل فاحش، لأن هذا هدم وخرق لاجماع أصحابنا " انتهى