يخفى ما فيه، وفي كلامه موارد أخر للمناقشة.
فتحصل من جميع ما ذكر عدم دليل على نجاسته، فالأصل طهارته من غير فرق بين ما غلى بنفسه أو بالنار وغيرها.
وقد فصل ابن حمزة في الوسيلة بين ما غلى بنفسه فذهب إلى نجاسته وحرمته إلى أن يصير خلا، وبين ما غلى بالنار فذهب إلى حرمته إلى ذهاب الثلثين دون نجاسته، وربما يتوهم أن تفصيله ليس في الحكم الشرعي، بل لاحراز مسكرية ما غلى بنفسه، فحكمه بالنجاسة لمسكريته لا للتفصيل في العصير، ولقد أصر على ذلك بعض أهل التتبع، حتى نسب الغفلة إلى أساطين العلم وجهابذة الفن، وأرعد وأبرق في رسالته المعمولة لحكم العصير، ولم يأت بشئ مربوط بجوهر المسألة الفقهية.
وقد وقع منه فلتات عجيبة، من جملتها دعوى عدم تفرد ابن حمزة في ذلك التفصيل، وزعم أن مرجع أقوال عدا من شذ إلى هذا القول، وعد منهم شيخ الطائفة والحلي والقاضي صاحب دعائم الاسلام والقاضي ابن البراج في المهذب والشهيد في الدروس، بل استظهر من رسالة على ابن بابويه ومن عبارة فقه الرضا، ثم قال: " إن المحقق والعلامة والفاضل المقداد كلهم موافقون لما عزي إلى ابن حمزة من التفصيل، وأن عد قولهم مقابلا لقوله ناشئ من عدم تدقيق النظر وتحديد البصر فانتظر لهذه الفائدة التي لم يتنبه لها أحد في الحديث والقديم ولا ينبئك مثل الخبير العليم " انتهى.
وأنا أقول: لم أر من وافق ابن حمزة حتى صاحب هذه الرسالة نفسه، ولتوضيح ذلك لا بد من تحرير المسألة حتى يتضح موضع الخلط فنقول: إن محط البحث في هذه المسألة بعد الفراغ عن حكم المسكر ونجاسته في أن العصير العنبي هل هو ملحق بالمسكرات في النجاسة