نعم لو قيل بأن المراد بغير المسفوح هو ما اختلط باللحم مما لا يتعارف الاحتراز عنه أو لا يمكن لكان له وجه، لكنه خلاف ظاهر القيد، فإن الظاهر منه كما مر في كلام العلامة هو ما خرج بدفع من العرق.
والانصاف أن فهم القيدية واحترازية الوصف مشكل، ومعه لا يجوز التمسك لطهارة ما في الباطن أو المتخلف في الذبيحة، وإن لا تدل على نجاستهما أيضا، لأن عدم احترازية القيد لا يلازم الاطلاق وبعبارة أخرى أن المدعى أن الآية حرمت ما يتعارف بينهم أكله، أي الدم المسفوح، والتقييد للمتعارف للاحتراز، فتكون ساكتة عن حكم غيره اثباتا ونفيا.
هذا كله مع عدم المفهوم للوصف، فلا تدل على حلية غير محل الوصف فضلا عن طهارته، فالاستدلال لطهارة دم السمك أو المتخلف بالآية في غير محله، سيما مع القول بحرمة دمهما إذا لم يكن تبعا لللحم، وبهذا كله ظهر عدم صلاحية القيد في الآية لتقييد قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم " (1) وللمسألة محل آخر.
ثم إن المتفاهم أو المتيقن من معاقد الاجماعات نجاسة الدم الخارج عن حيوان له نفس سائلة، والتقييد بالمسفوح في كلام الحلي والعلامة وغيرهما ليس لاخراج مثل دم الرعاف والدماميل بالضرورة، بل لاخراج المتخلف وما لا نفس له، ضرورة نجاسة المذكورات نصا وفتوى، فمثل الدم المخلوق آية أو الصناعي فرضا ليس مشمولا لها، كما لا تشمل الدم الذي يوجد في البيضة، فإنه ليس دم الحيوان، والأصل فيه الطهارة.