وأما رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام قال: لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لأن لبنها يخرج من مثانة أمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا من بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين " (1) فمع اشتمالها على ما يخالف الاجماع والاعتبار ومعارضتها لصحيحة الحلبي (2) المصرحة بالتسوية وإمكان كون التصريح بها لدفع مثل ما صدر تقية وإمكان أن يقال: إنه لا يغسل من بوله وإن صب عليه، فيكون طريق جمع بينها وبين روايات الصب، لا تصلح لاثبات حكم مخالف للاجماع والأدلة العامة والخاصة.
ومنها: لا ينبغي الاشكال في طهارة رجيع ما لا نفس له إذا كان من غير ذوات اللحوم كالذباب والخنفساء ونحوهما، وإن حكي عن المعتبر التردد فيه لانصراف أدلة ما لا يؤكل لحمه عنها بلا إشكال، وتوهم أعمية ما لا يؤكل من السالبة بسلب الموضوع في غاية السقوط.
وأما ما لا نفس له من ذوات اللحوم ففي طهارة بولها ورجيعها ونجاستهما والتفصيل بين البول والرجيع بنجاسة الأول دون الثاني وجوه: والظاهر عدم إجماع في المسألة يمكن الاتكال عليه في اثبات شئ مما ذكر، وإن قال صاحب الحدائق " الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في طهارة رجيع ما لا نفس له كالذباب ونحوه "، ويشعر قول العلامة في التذكرة على عدم الخلاف بيننا، حيث نسب الخلاف إلى الشافعي قال " رجيع ما لا نفس له سائلة كالذباب والخنافس طاهر لأن دمه طاهر، وكذا ميتته وروث السمك، وللشافعي في الجميع قولان " انتهى لكن مع احتمال أن يكون دعوى عدم الخلاف في مثل الذباب