نعم المتيقن من مورد الروايات كونهما داميتين، بمعنى أن يكون لهما مادة معتد بها يكون لها شأنية السريان والادماء، فتكون صاحبة الدم والمادة، فلا يشمل العفو مطلق الدماميل، وهذا هو المراد من الجرح السائل، ومن قوله: " لا تزال تدمى " ولا إطلاق في الباب يشمل غير الداميات والسائلات بالمعنى المتقدم.
أما صحيحة أبي بصير فواضح، لكون القضية شخصية، مع أن خروج الدماميل ملازم نوعا لشأنية السيلان وكونها ذا مادة قابلة له سيما في الأبدان السمينة البدينة، وظاهر موثقة سماعة ذلك، لأن ما يحتاج إلى الربط ملازم لها، وكذا الحال في سائر الروايات حتى رواية عمار، لأن الانفجار لا يقال إلا في ما له مادة سائلة.
ثم إنه بناء على مانعية النجاسات بطبائعها السائلة لا يكون سائر النجاسات معفوا عنها إذا أصابت الدم المعفو عنه، حتى دم نفسه فضلا عن دم غيره فضلا عن سائر النجاسات، بل الظاهر عدم العفو عن الماء الواصل بهذا الدم فتنجس به، نعم الرطوبات الملازمة للقرح والجرح كالعرق والقيح وكذا الدواء الموضوع عليهما معفو عنها.
ولو شك في دم أنه من القروح أو لا فالأحوط عدم العفو، وإن كان العفو لا يخلو من وجه، لأن المانع عن الصلاة ليس مطلق الدم، بل الدم المسفوح، وقد خرج منه ما سفح بالجرح والقرح، فصار الموضوع بحسب الواقع واللب الدم المسفوح، لا عنهما على نحو القضية المعدولة، أو الدم الذي لا يكون مسفوحا منهما على نعت القضية الموجبة السالبة المحمول، ولا حالة سابقة لهما، واستصحاب العدم الأزلي لاثبات القضية على أحد النحوين مثبت، كاستصحاب عدم خروجه منهما أو استصحاب كون هذا الدم غير خارج منهما أو لم يكن خارجا منهما