والانفصال، كما أن ما دل على أن الكلب رجس نجس يفهم منه أنه بجميع أجزائه نجس، ولا يحتاج في إثبات النجاسة للأجزاء التمسك بدليل آخر غيره، كما لا يحتاج في إثبات نجاستها بعد الانفصال إلى غيره.
وبعبارة أخرى: أن العرف يرى أن موضوع النجاسة ذات الأجزاء من غير دخالة للاتصال والانفصال فيها، كما أن الاستقذار من الكلب على فرضه استقذار من أجزائه اتصلت بالكل أو انفصلت، وهو مما لا شبهة فيه.
وأما المنفصل من الحي فقد عرفت أن مقتضى الأصل طهارته، فلا بد في الخروج من مقتضاه من قيام دليل، وقد عرفت من محكي المنتهى أن المقتضي لنجاسة المجموع - وهو الموت - موجود في الأجزاء فيتعلق بها الحكم.
وفيه أنه إن أراد من وجود المقتضي في الأجزاء التشبث بالقطع بوجود المناط الذي في الكل فيها فالعهدة عليه، فأنى لنا القطع في الأمور التشريعية المجهولة المناط، وأي مناط في وجوب غسل المس في الأجزاء المبانة من الحي إذا اشتملت على العظم، وعدمه في اللحم المجرد، بل لازمه الحكم بنجاسة الجزء المتصل إذا علم موته وفساده. وبالجملة الطريق إلى العلم بمناطات مثل تلك الأحكام التعبدية مسدود.
وإن أراد استفادة الحكم من الأدلة المثبتة للحكم على الميتة بدعوى إلغاء خصوصية الكلية والجزئية عرفا ففيه ما لا يخفى، ضرورة أن العرف مع ما يرى من الخصوصية بين الميت وأجزائه وبين الحي وجزئه المبان منه لا يمكن له إلغائها، فلا يمكن إثبات الحكم بمثله، كما لا يمكن التشبث بالأدلة العامة المثبتة للنجاسة لعنوان الميتة والجيفة،