وجهه ظانا أنه أحرم أو جاهلا بالاحرام، فالنية حاصلة مع ايقاع كل منسك، فلا وجه لما قاله.
وأجاب عنه شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد بأن مراد ابن إدريس إن فقد نية الاحرام يجعل باقي الأفعال في حكم العدل، لعدم صحة نيتها محلا، فتبطل، إذ العمل بغير نية باطل.
وفيه أن ما ادعاه - من أن فقد نية الاحرام يجعل باقي الأفعال في حكم العدم - ممنوع. قوله -: لعدم صحة نيتها محلا - قلنا: إن أريد بكونه محلا يعني:
عالما حين الاتيان بتلك الأفعال أنه محل، فهو مسلم ولكنه ليس من محل البحث في شئ، وإن أريد في الواقع ونفس الأمر - حيث إنه ظن الاتيان بالاحرام أو جهله - فهو ممنوع، لأن التكاليف إنما نيطت بالظاهر في نظر المكلف لا بنفس الأمر والواقع. وحينئذ فما ذكره من بطلان تلك الأفعال باطل. على أن المتبادر من العمل بغير نية إنما هو ترك النية بالكلية لا الاتيان بنية وإن ظهر بطلانها، وإن كان الجميع مشتركا في البطلان لكن لا لهذا الخبر.
وقال العلامة في المنتهى: الظاهر أن ابن إدريس وهم في هذا الاستدلال فإن الشيخ اكتفى بالنية عن الفعل، فتوهم أنه اجتزأ بالفعل بغير نية.
أقول: فيه أنه إن أراد بالنية التي اكتفى بها الشيخ يعني: النية المقارنة للاحرام، فهو غير متجه، إذ ليس في كلام الشيخ دلالة على اعتبارها بوجه، كما صرح به في المدارك أيضا، وإن أراد اجتزاءه بالعزم المتقدم - كما أسلفناه من عبارة الشيخ في النهاية ذيل صحيحة جميل المتقدمة (7) في سابق هذه المسألة - ففيه أنه وإن احتمل إلا أنه بعيد عن ظاهر العبارة.