وفيه أنه لا يخفى أن صحيحة معاوية بن عمار أو حسنته المتقدمة (1) - وهي الثانية من روايتيه المتضمنة للسؤال عن رجل لبى بالحج مفردا، فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) وسعى بين الصفا والمروة فقال (عليه السلام): فليحل وليجعلها متعة - عين ما دل عليه الخبر العامي الذي نقله، غير أنه ذكر في الخبر العامي لفظ: " وهي عمرة " وهو يرجع إلى قوله في هذا الخبر: " وليجعلها متعة " فإن حاصل الخبر الأمر له بالاحلال وأنه يجعلها عمرة يتمتع بها إلى الحج، بمعنى أنه يعدل من حج الافراد إلى التمتع إن لم يكن ساق الهدي، فقد دل الخبر على أنه مع الطواف والسعي وعدم العقد بالتلبية يبطل حجه ويصير ما أتى به من أفعال عمرة التمتع. اللهم إلا أن يكون قد فهم من كلام الشيخ أن مراده بالعمرة هنا يعني: العمرة المفردة إلا أن كلام الشيخ لا قرينة فيه على التخصيص بذلك. وأيضا فكلامه في التنبيه الثاني من التنبيهات التي ذكرها صريح في أن المراد عمرة التمتع.
وبالجملة فإن ظاهر الخبر المذكور - كما عرفت - هو أنه مع عدم العقد بالتلبية فالواجب عليه الاحلال - للأمر بذلك في الخبر الذي هو حقيقة في الوجوب - والعدول إلى التمتع. والوجه في الوجوب ما تقدم من أن المتمتع متى أتى بالعمرة وإن كان في حج مستحب فإنه يجب الاتيان بالحج بعدها، لدخولها في الحج، والحج من ما يجب بالشروع فيه وإن كان في الأصل مستحبا.
ومن ما يؤيد ما ذكرناه الأخبار الواردة في حج الوداع المتضمنة لأمر الله (عز وجل) له صلى الله عليه وآله أن يأمر الناس ممن لم يسق الهدي بالعدول إلى التمتع بعد الطواف والسعي (2).