وثالثا - ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر من كتاب مسائل الرجال (1) رواية عبد الله بن جعفر الحميري وأحمد بن محمد الجوهري عن أحمد بن محمد عن عدة من أصحابنا قالوا: " قلنا لأبي الحسن - يعني علي بن محمد (عليهما السلام) -: إن رجلا مات في الطريق وأوصى بحجة وما بقي فهو لك، فاختلف أصحابنا، فقال بعضهم: يحج عنه من الوقت فهو أوفر للشئ أن يبقى عليه.
وقال بعضهم: يحج عنه من حيث مات؟ فقال عليه السلام: يحج عنه من حيث مات ".
والتقريب فيها أنه لو كان الطريق لا مدخل له في الحج عن الميت بالتقريب الذي ذكروه لأمر عليه السلام بالحج من الميقات ولم يأمر بالحج من الموضع الذي مات فيه ولعل الرجل كان من خراسان - مثلا - فمات بعد خروجه بفرسخين أو ثلاثة، وأنه عليه السلام أوجب الحج من ذلك الموضع.
فأي دليل في بطلان ما اعتمدوه أظهر من هذه الأدلة؟
(فإن قيل): إن الأخبار قد وردت في هذه المواضع بما ذكرتم فوجب المصير إليها، ولا يلزم من ذلك المصير إلى ما ذكرتم في هذه المسألة.
(قلنا): نعم الأمر كما ذكرت ولكن الغرض من ايراد هذه الأخبار إنما هو بيان بطلان هذا الدليل الذي اعتمدوه، وفساد هذه القاعدة التي اتفقوا عليها، فإنه لو كان ذلك حكما كليا وضابطا جليا - كما ظنوه - لم تخرج هذه الأخبار بخلافها مع أن ما تضمنته من جزئياتها، فهو دليل على فسادها.
ورابعا - إنا نقول: إن ظاهر الأخبار الدالة على شرطية الاستطاعة في وجوب الحج شمولها باطلاقها للحي والميت، بمعنى أن الواجب عليه في حال الحياة الحج متى استطاع الاتيان به بزاد وراحلة وغيرهما من ما يتوقف عليه الحج