اعتبار الميقات من الخبرين اللذين اعتضد بهما قد بينا ضعفه.
وزاد بعضهم في الجواب عن الخبر المذكور: أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج بالوصية، قال: فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات من الثلث اتفاقا، وهو أبعد وأبعد.
وبالجملة فإن الظاهر عندي من هذه الروايات - باعتبار ضم بعضها إلى بعض وحمل مجملها على مفصلها ومطلقها على مقيدها - هو أنه متى أوصى بالحج فإنه ينظر في ماله، فإن وسع الحج من بلده ومنزله وجب، وإلا فيترتب باعتبار ما يسع المال ولو من مكة. وهذا هو قول شيخنا الشهيد في الدروس. مثلا: لو كان الموصي في بلد خراسان، فإن وسع ماله للحج من خراسان وجب، وإلا فينظر في البلدان والأماكن المتوسطة من خراسان إلى مكة فأيها وسع الحج منه وجب. وعلى هذا فلا حجة في شئ من هذه الأخبار للقول المشهور، بل هي ظاهرة في خلافه.
نعم يبقى الكلام في أن مورد هذه الروايات الوصية فحمل ما نحن فيه عليها يحتاج إلى دليل. إلا أن لقائل أن يقول: إنه إذا دلت هذه الأخبار - كما أوضحناه - على أن الواجب مع الوصية هو النظر إلى سعة المال، فإن وسع من بلده وجب الحج من البلد وإلا فمن حيث يسع، فينبغي القول بذلك في من لم يوص مع معلومية اشتغال ذمته، لأن الواجب الاخراج عنه أوصى أو لم يوص. ولهذا تكلف الأصحاب ارجاع بعض هذه الروايات إلى ما ذهبوا إليه واستدلوا بها عليه وإن كان خلاف ما يستفاد منها كما عرفت.
وإن أردت مزيد تحقيق للمقام بتوفيق الملك العلام وبركة أهل الذكر (عليهم السلام) فاستمع لما يتلى عليك من الكلام:
فنقول: لا يخفى أن هذه الأخبار بالتقريب الذي ذكرناه فيها دافعة لما ذكروه من الدليل المتقدم على القول المشهور، لأن مرجع كلامهم - وإن أكثروا