مما لا مجال له في هذا المقام، لأن غسل المسلمين كملا واجب وهذا أحدهم ولم يرد هنا ما يدل على أفضلية غسل نوع من أنواع المسلمين وأكثرية ثوابه وأقلية آخر، ولو أريد باعتبار نقصان قدر المخالف وانحطاط درجته وإن كان مسلما جرى ذلك في الجاهل من المسلمين والمستضعفين بالنسبة إلى العالم الفاضل الورع مع أنهم لم يصرحوا هنا بالكراهة، وأيضا فإنه على تقدير عدم الوجوب كما ذهب إليه في المدارك فإنه لا معنى لهذه الكراهة التي ذكرها بالمعنى المصطلح لأن محلها الأمور الراجحة الترك الجائزة والغسل عندهم من العبادات الشرعية كما صرحوا به، وحينئذ فإن تم الدليل على وجوبه كان واجبا وإن لم يثبت كان محرما ولا وجه للقول بالجواز فيه حتى يمكن اجراء الكراهة بالمعنى المصطلح فيه. وأما كون غسل المخالفين مخالفا لغسل الإمامية فهو أيضا لا يسوغ لهم العدول عن الغسل الشرعي عندهم المأمورين به إذ الخطاب المتعلق بهم والوجوب الذي لزمهم باعترافهم إنما هو بهذا الغسل المعمول عليه عندهم فالاتيان بغيره غير مبرئ للذمة، وأما ما ذكره المحقق من الضرورة فإنه لا معنى له على القول بالاسلام ووجوب تغسيلهم كما هو مذهبه، بل الضرورة إنما تتجه على مذهب من قال بتحريم غسلهم كما تقدم في عبارة المفيد القائل بتحريم غسلهم لكفرهم، فإنه قد تلجئه التقية من المخالفين إلى مداخلتهم ومساعدتهم في مثل هذا وغيره فيغسله غسلهم، وأما من يوجب غسله كغيره من المؤمنين فإنه لا يجد بدا من القيام به لوجوبه عليه كفاية أو عينا إن انحصر الأمر فيه ولا يتوقف تغسيله له على الضرورة، نعم ربما تكون الضرورة بالتقية ملجئة إلى الانتقال من غسله غسل أهل الحق إلى تغسيله غسل المخالفين، فالضرورة ليست متعلقة بأصل الغسل وإنما هي بالانتقال من أحد الفردين إلى الآخر، وبذلك يظهر ما في استدلاله في المدارك بالخبر المذكور على ذلك فإنه لا معنى له وإنما المستند التقية. وبالجملة فإني لا أعرف لهذه الكلمات الملفقة في هذا المقام وجها يبتنى عليه الكلام وينتسق به النظام بل هو أظهر في البطلان من أن يحتاج بعد ما ذكرناه إلى مزيد بيان والله العالم
(٤١١)