قال أبو محمد: واحتج من رأى الاستبراء كما ذكرنا بما رويناه من طريق أبى داود نا عبيد الله بن عمر بن ميسرة نا يزيد بن زريع نا سعيد - هو ابن أبي عروية - عن قتادة عن صالح بن رستم الخزاز عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري ان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابوا سبايا بأوطاس فكان الناس تحرجوا من غشيانهن من اجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن * ومن طريق أبى داود نا عمرو بن عون أرنا شريك عن قيس بن وهب عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رفعه أنه قال في سبايا أوطاس: لا توطأ حامل حتى تضع ولاغير ذات حمل حتى تحيض، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن طاوس أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا في بعض مغازيه لا يقعن رجل على حامل ولا على حائل حتى تحيض، ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن زكريا عن الشعبي أصاب المسلمون سبايا يوم أوطاس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يقعوا على حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة، لا نعلم ورد في هذا غير ما ذكرنا * قال أبو محمد: حديث طاوس. والشعبي مرسلان ولا حجة في مرسل، وخبر أبي الوداك ساقط لان أبى الوداك وشريكا ضعيفان ثم لو صحت لكانت حجة على من احتج بها لان فيها المنع من وطئ التي ليست حاملا حتى تحيض وهم لا يقولون بهذا بل يحدون حدودا ليست في هذه الآثار، ومن الكبائر مخالفة أثر يحتج به المرء ويصححه وأما اخبر أبى علقمة فهو الذي لا يصح في هذا الباب غيره فليس فيه ذكر للاستبراء أصلا لا بنص ولا بدليل فيه إباحة وطئ المحصنات إذا ملكنا هن فقط فهو عليهم لا لهم، وأما الذي في آخره أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن فلا شك في أنه ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلى مراتبه أن يكون من كلام أبي سعيد ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لو صح انه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يصح أبدا لما كانت لهم فيه حجة لأنه إنما فيه إذا انقضت عدتهن، والعدة المعروفة في الدين ليست الا أربعة أشهر وعشرا في الوفاة وثلاثة قروء للتي تحيض من المطلقات أو ثلاثة أشهر للتي لم تحض أو لا تحيض من المطلقات أو وضع الحمل لمطلقة أو متوفى عنها ولا مزيد، وهم ههنا جعلوا الاستبراء بحيضة وليس هذا عدة فبطل أن يكون لهم متعلق فيه أصلا، وأما مالك فإنه رأى الاستبراء بالمواضعة في علية الرقيق ولم يرها في الوحش ولم يجز اشتراط النقد في ذلك ورأي نفقتها مدة المواضعة على البائع، ورأي ما حدث فيها مدة المواضعة على البائع ورأي
(٣١٩)