المرء لنفسه وشهادة اللعان إنما هي لنفسه ليدرأ عنها الحد وليوجبه على المرأة فبطل أن يكون اللعان حكم سائر الشهادات، وأما قولنا: ان التعن سقط عنه الحد والا حدت هي فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث اللعان: " البينة والا حد في ظهرك " وقوله إنه رماها بانسان بعينه فحدوا حد يسقط التلاعن فلما رويناه من طريق أحمد بن شعيب انا عمران (1) بن يزيد الدمشقي نا مخلد بن الحسين الأزدي نا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن انس بن مالك قال: أول لعان كان في الاسلام أن هلال بن أمية قذف شريك بن السحماء (2) بامرأته فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أربعة شهداء والا فحد في ظهرك يكرر ذلك مرارا فقال له هلال: والله يا رسول الله ان الله ليعلم انى لصادق ولينزلن الله عليك ما يبرئ به ظهري من الجلد فبينما هم كذلك إذ نزلت آية اللعان فدعا هلالا (فشهد أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين والخامسة ان لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين، فلما كان في الرابعة أو الخامسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفوها فإنها موجبة فتلكأت حتى ما شككنا أنها ستعترف ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت على اليمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروها فان جاءت به ابيض (3) سبطا قضى (4) العينين فهو لهلال بن أمية وان جاءت به آدم (5) جعدا (6) ربعا (7) حمش (8) الساقين فهو لشريك بن سحماء فجاءت به آدم جعدا ربعا حمش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما سبق من كتاب الله لكان لي ولها شأن، وليس في الآية ما يزيده مالك وغيره في اليمين من قول الذي لا إله إلا هو ولا غير ذلك ولا فرق بين هذه الزيادة وبين أن يزيد خالق السماوات والأرض الذي رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها وما أشبه ذلك من الثناء على الله عز وجل الذي من قاله أجر ومن تركه في يمينه لم يحرج، وإنما يقضى على الناس بما أمر به الله لا بما لا يلزم في ذلك الوقت وإن كان اجرا، وقوله عز وجل: (ويدرأ عنها العذاب ان تشهد أربع شهادات بالله) فان فيه إشارة إلى عذاب معلوم لأنه بألف التعريف ولامه ولا نعلم عذابا في الزنا الا الحد، وأما السجن كما قال أبو حنيفة وأصحابه فلا، ومن
(١٤٥)