كما قلنا وهو قول الأوزاعي والليث: وأما قولنا ان كانت صغيرة أو مجنونة حد للقذف ولا لعان في ذلك لان الصغيرة والمجنونة لا يكون منهما زنا أصلا لان الزنا معصية لله عز وجل وهاتان لا تقع منهما معصية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاث " كر الصغير حتى يبلغ. والمجنون حتى يفيق، وإذا وجب الحد حيث لا يوقن بكذبه فاسقاطه عن القاذف حين يوقن بكذبه خطأ والحد بنص القرآن واجب على كل من رمى منا بالزنا، وأما الأخرس فان الله عز وجل يقول: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وليس في وسعه الكلام فلا يجوز ان يكلف إياه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم " فصح أنه يلزم كل أحد مما أمر الله تعالى به ما استطاع والأخرس يستطيع الافهام بالإشارة فعليه أن يأتي بها، وكذلك من لا يحسن العربية يلتعن بلغته بألفاظ يعبر بها عما نص الله تعالى عليه والعجب من زيادات أبي حنيفة برأيه زيادات في غاية السخف على ما في آية اللعان وهو يرد أو امر رسول الله صلى الله عليه وسلم واعماله كالمسح على العمامة واليمين مع الشاهد وغير ذلك بأنها زيادة على ما في القرآن فأي ضلال يفوق هذا، وأما قولنا انه بتمام التعانه والتعانها ينتفى عنه لحاق حملها الا أن يقربه وسواء ذكره أو لم يذكره إذا انتفى عنه قبل ذلك فلما رويناه من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر قال " ان النبي صلى الله عليه وسلم لا عن بين رجل وامرأته فانتفى عن ولده ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة " * ومن طريق مسلم حدثني حرمله ابن يحيى أنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سهل بن سعد قال: ان عويمرا العجلاني فذكر حديث اللعان وفيه " فكانت حاملا فكان الولد إلى أمه "، وأما قولنا: انه لم يلاعنها حتى ولدت لاعن لاسقاط الحد فقط ولا ينتفى ولدها منه فلان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الولد لصاحب الفراش، فصح أن كل من ولد على فراشه ولد فهو ولده الا حيث نفاه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: أو حيث يوقن بلا شك انه ليس هو ولده ولم ينفه عليه الصلاة والسلام الا وهي حامل باللعان فقط فيبقى ما عدا ذلك على لحاق النسب ولذلك قلنا إن صدقته في أن الحمل ليس منه فان تصديقها له لا يلتفت إليه لان الله تعالى يقول: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) فوجب ان اقرار الأبوين لا يصدق على نفى الولد فيكون كسبا على غيرهما وإنما نفى الله عز وجل الولد ان كذبته الام والتعنت هي والزوج فقط فلا ينتفى في غير هذا الموضع، والعجب كله ان المخالفين لنا ههنا يقولون إن اتفقا جميعا على أن الحمل من غيره أو على أن الولد من غيره لم يصدقا ولم ينفه الا بلعان فليت شعري من أين وقع لهم هذا إذا ألغوا تصديقهما