اختلف الناس في هذا فقالت طائفة: يقتل كما حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن اصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب نا يونس قال سألت ابن شهاب عن رجل قتل رجلا ثم صالح فادى الدية ثم قتله؟ قال: نرى أن يقاد به صاغرا ولوليه أن يعفو عنه ان شاء * حدثنا حمام نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا عبد الله بن يونس نا بقي بن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الرحمن بن مهدي عن القاسم بن الفضل عن هارون عن عكرمة في رجل قتل بعد أخذ الدية قال: يقتل أما سمعت قول الله تعالى: (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم) وقالت طائفة: لا يقتل كما روينا بالسند المذكور إلى أبى بكر بن أبي شيبة نا عبد الرحمن ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن فيمن قتل بعد أخذ الدية قال:
تؤخذ منه الدية ولا يقتل * قال أبو محمد: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك لنعلم الحق فنبتعه بعون الله تعالى ومنه فنظرنا في ذلك فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: " من قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يأخذوا العقل وإما أن يقتلوا " أو كلاما هذا معناه، فصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل للأهل إلا أحد الامرين اما الدية وإما القود (1) ولم يجعل الامرين معا فإذا تقل فلا دية له وإذا أخذ الدية فلا قتل له هذا نص حكمه عليه الصلاة والسلام فوجدنا أهل المقتول لما عفوا وأخذوا الدية حلت لهم وصارت حقهم وبطل من كان لهم من القود ليس لهم جميع الامرين بالنص فإذا بطل حقهم في القد وبذلك حرم القود وحلت الدية، ولولا أن القود حرم لما حلت الدية فإذا حرم القود فقد قتلوا نفسا محرمة حرمها الله تعالى وإذ قتلوا نفسا محرمة فالقود واجب في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرى مسلم الا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إيمانه أو زنى بعد احصانه أو قتل نفسا بغير نفس " فان قيل: هذا قتل نفسا بنفس قيل له لا تحل النفس بالنفس إلا حيث أحلها الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وإنما أحلها الله تعالى إذ اختاروا ذلك دون الدية، وأما إذا اختاروا الدية فقد حرم الله تعالى عليهم تلك النفس إذ لم يجعل لهم الا أحد الامرين، ومن ادعى في ذلك شيئا صح تحليله انه حرم فهو مبطل إلا أن يأتي (2) في دعواه ذلك بنص أو اجماع، وقد صح بيقين كون الدية لهم حلالا ومالا من مالهم إذا أخذوها وصح تحريم القود عليهم بذلك بلا خلاف إذ لا يقول أحد في الأرض انهم يجمعون الامرين معا (3) الدية والقود فإذ لاشك فيما ذكرنا فمن ادعى ان الدم الذي قد صح تحريمه عليهم عاد حلالا لهم وأن