فلا حجة لهم في هذا لوجوه * أولها اننا قد ذكرنا ما خالفوا فيه جمهور الصحابة الذين لا يعرف له منهم مخالف إذ لم يوافق آراءهم وأقرب ذلك حكم عمر بن الخطاب.
وابن عباس رضي الله عنهم في اليد الشلاء تقطع والسن السوداء تكسر بثلث دية فقول الصاحب إذا وافق أهواهم كان عندهم حجة لا يحل خلافها وإذا خالف أهواءهم وتقليدهم لم يكن عندهم حجة وحل خلافه وهذا حكم لا طريق للتقوى ولا للحياء إلى قاتله * وثانيها أنه عن أشعث بن سوار وهو ضعيف * وثالثها أنه منقطع أيضا لأنه عن أبي بكر بن حفص ولم يدرك ابن عمر * ورابعها ان الامر لم يكن كذلك وهي قصة مشهورة وإنما كان بين أولاد الجهم بن حذيفة العدوي شر ومقاتلة فتعصبت بيوتات بنى عدى بينهم فاتى الغلام المذكور ليلا والضرب قد وقع بينهم في الظلام وهذا الغلام هو زيد بن عمر بن الخطاب وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فأصابه حجر لا يدرى من رماه وقد قيل ظنا إن خالد بن أسلم أخا زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب هو الذي ضربه وهو لا يعرف من هو في الظلمة وكان ابن عمر أخوه يقول له عند الموت: اتق الله يا زيد فإنك لا تعرف من أصابك فإنك كنت في ظلمة واختلاط فهكذا كانت قصته، وأما قولهم: انه هو المجني عليه فهو أولى بنفسه فتمويه ضعيف لان الجناية عليه التي هو أولى بها إنما هي ما كان حاكما فيها بعد حلولها به وهذا حق وإنما ذلك فيما عاش بعدها فاختار ماله أن يختار وأما بعد موته فهو غير موجود عندنا بعد الموت ولا خيار له في جناية لم تحدث بعد * قال أبو محمد: فلما لم يبق لهم متعلق إلا قوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) ومن تصدق بدم نظرنا في ذلك فوجدنا قوله تعالى في قتل الخطا (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) إلى قول تعالى (ودية مسلمة إلى أهله) ووجدناه تعال يقول في قتل العمد (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) إلى قوله تعالى (انه كان منصورا) ولا قتل إلا عمد أو خطأ فصح أن الدية في الخطأ فرض أن تسلم إلى أهله فإذ ذلك كذلك فحرام على المقتول أن يبطل تسليمها الا من أمر الله تعالى بتسليمها إليهم وحرام على كل أحد أن ينفذ حكم المقتول في ابطال تسليم الدية إلى أهله فهذا بيان لا اشكال فيه وصح بنص كلام الله تعالى وحكمه الذي لا يرد ان الله تعالى جعل لولى المقتول سلطانا وجعل إليه القود وحرم عليه أن يسرف فمن الباطل المتيقن أن يجوز للمقتول حكم في ابطال السلطان الذي جعله الله تعالى لوليه ومن الباطل البحت انفاد حكم المقتول في خلاف