عفا عن الجراحة ثم مات فلا قود لكن يغرم الجاني الدية بعد أن يسقط منها أرش الجراحة، وقال الشافعي: إذا عفى عن الجراحة وعما يحدث منها من عقل أو قود ثم مات فلا قود، ثم اختلف قوله في الدية فمرة قال كقول سفيان الثوري الذي ذكرنا قبله ومرة قال يؤخذ بجميع الدية، وقال الشافعي في أحد قوليه وبه يقول أبو ثور وأحمد وإسحاق:
لاعفو له في العمد * قال أبو محمد: فلما اختلفوا كما ذكرنا نظرنا في ذلك ليعلم (1) الحق فنتبعه فوجدناهم يقولون قال الله تعالى: (والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له) وقال تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فاجره على الله) وقال تعالى:
(وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) الآية * وذكروا ما حدثنا حمام نا عبد الله بن محمد ابن الباجي نا عبد الله بن يونس نا بقي بن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا محمد بن بشر نا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عروة بن مسعود الثقفي دعا قومه إلى الله ورسوله فرماه رجل منهم بسهم فمات فعفا عنه فدفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاز عفوه وقال:
هو كصاحب ياسين * نا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا أحمد بن دحيم نا إبراهيم بن حماد نا إسماعيل بن إسحاق نا علي بن عبد الله نا عمران بن ظبيان عن عدى بن ثابت قال:
قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من تصدق بدم فما دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق به) * قال على: وقالوا: هذا حكم من عمر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ولا يعرف له منهم مخالف وقالوا: هذا هو المجني عليه فهو أولى بنفسه فهذا كل ما أوردوه في ذلك فنظرنا في الذي احتجوا به فوجدناه لا حجة لهم في شئ منه أصلا، أما قول الله تعالى:
(فمن تصدق به فهو كفارة له) فإنما قال تعالى ذلك عقب قول تعالى: (والعين بالعين) إلى قوله تعالى: (فهو كفارة له)، وهذا كله كلام مبتدأ بعد تمام قوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس) فإنما جاء نص الله تعالى على الصدقة بالجروح بالأعضاء وهكذا نقول: إن للمجني عليه أن يتصدق بما أصيب به من ذلك فيبطل القود (2) جملة في ذلك وليس في هذه الآية حكم الصدقة بالدم في النفس لان النفس بالنفس إنما هو في التوراة بنص الآية وليس ذلك خطابا لنا وإنما خوطبنا بما بعده إذا قرئ كل ذلك بالرفع خاصة فإذا قرئ بالنصب فليس خطابا لنا وكلا القراءتين حق من عند الله تعالى فبطل تعلقهم بهذه الآية، وأما قوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح