عبد الله - هو ابن المبارك - نا يونس عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير قال " ان امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعون به (1) قال عروة فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تكلمني في حد من حدود الله قال أسامة فاستغفر لي يا رسول الله فلما كان الشعبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فاثنى على الله تعالى بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنما هلك الناس قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها " وذكرت عائشة الحديث * قال أبو محمد: وهذا لا متعلق لهم فيه لأنه ليس في هذا الخبر انها قطعت يدها في الحرم فإذ ليس ذلك فيه فلا يجوز أن يعترض على نص القرآن ونص بيان السنن بظن لا حقيقة فيه، ولعل أمرها كان في غير الحرم أو في الطريق قال الله تعالى: (ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) وأيضا فان هذا الخبر ظاهره الارسال، وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه إنما معنى قوله تعالى: (مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) إنما عن الصيد، وهذا مع أنه كذب على الله تعالى وجرأة على الباطل فضيحة (2) في اللحن لأنه لا يخبر (3) في لغة العرب بلفظة من الا عمن يعقل لا عن الحيوان غير الآدمي، فان قال قائل: إنما هذا (4) في المقام وحده بنص الآية قيل له: ان الله تعالى لا يكلم عباده بالمحال ولا بما لا يمكن، وباليقين يدرى كل ذي حس سليم ان مقام إبراهيم حجر واحد لا يدخله أحد ولا يقدر أحد على ذلك وإنما مقام إبراهيم الحرم كله كما قال مجاهد أنه قال مقام إبراهيم الحرم كله، فان قال قائل ان الله تعالى قال: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم) قلنا: نعم هكذا قال الله تعالى وبهذا نقول، ولا يحل قتال أحد لا مشرك ولاغيره في حرم مكة لكننا نخرجهم منه فان خرجوا وصاروا في الحل نفذنا عليهم ما يجب عليهم من قتل أو أسر أو عقوبة فان امتنعوا وقاتلونا قاتلناهم حينئذ في الحرم كما أمر الله تعالى وقاتلناهم فيه وهكذا نفعل بكل باغ وظالم من المسلمين ولا فرق، فان قالوا: فقد قال الله تعالى. (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) الآية قلنا: الذي قال هذا قال: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) وكلامه كله حق وعهوده كلها فرض ولا يحل ترك شئ من كلامه
(٤٩٦)