أمر الله تعالى، وهذا هو الحيف والاثم من الوصية، وكذلك جعل الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لأهل المقتول الخيار في القود أو الدية أو المفاداة فنشهد بشهادة الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم انه لا يحل للمقتول أن يبطل خيارا جعله الله ورسوله عليه الصلاة والسلام لأهله بعد موته وانه لا يحل لاحد انفاذ حكم المقتول في ذلك وان هذا خطا متيقن عند الله تعالى، فكان بيقين عفو المقتول عن دية جعلها الله تعالى لأهله بعده لاله وعفوه عن قود أو دية أو مفاداة جعل الله فيها السلطان لأهله بعده لا له قال الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) فكان عفو المقتول عن دية أوجب الله تعالى تسليمها إلى أهله وعن دم أو مال خير الله تعالى فيهما أهله بعده كسبا على أهله وهذا باطل بنص القرآن، وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " والدية إنما هي بنص القرآن وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المقتول فحرام على المقتول التصرف في شئ من ذلك لأنها مال أهله * قال أبو محمد: ولم يأت قط نص من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم على أن للمقتول سلطانا في القود نفسه ولا ان له خيارا في دية أو قود ولا ان له دية واجبة فبطل أن يكون له في شئ من ذلك حق أو رأى أو نظر أو أمر فإذ ذلك كذلك بلا شك فقوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فاجره على الله) إنما هو فيما جنى عليه فيما دون النفس وفيما عفا عنه من جعل الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام العفو إليه وهم الأهل بعد موت المقتول وهكذا يكون القول في الخبر المذكور لو صح، وبرهان آخر أن لا دية عوض من القود بلا شك في العمد وعوض من النفس في الخطا بيقين، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن المقتول ما دام حيا فليس له حق في القود فإذ لاحق له في ذلك فلا عفو له ولا أمر فيما لاحق له فيه، وكذلك من لم تذهب نفسه بعد لان الدية في الخطا عوض منها فلم يجب له بعد شئ فلا حق له فيما لم يجب بعد، وبيقين يدرى كل ذي عقل ان القود لا يجب ولا الدية الا بعد الموت وهو إذا لم يمت فلم يجب له بعد على القاتل لا قود ولا دية ولا على العاقلة وبيقين يدرى كل ذي حس سليم انه لاحق لاحد في شئ لم يجب بعد فإذا وجب كل ذلك بموته فالحكم حينئذ للأهل لاله * قال أبو محمد: فبطل أن يكون لمقتول خطا أو عمدا عفو أو حكم أو وصية في القود أو في الدية فإذ ذلك كذلك فإنما هي مال للأهل حدث لهم بعد موته ولم يرثوه قط عنه إذ لم يجب له قط شئ منه في حياته فمن الباطل أن يقضى دينه من مال الورثة الذي لم يملكه هو قط في حياته وان ينفذ فيه وصيته وهو وإن كان إنما وجب لهم من
(٤٩٠)