لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب " قيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال قال: انا أعلم بذلك منك يا أبا شريح ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولافارا بخربة * قال أبو محمد: ولا كرامة للطيم الشيطان شرطي الفاسق يريد أن يكون أعلم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعه ذلك الصاحب رضي الله عنه من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا لله وانا إليه راجعون على عظيم المصاب في الاسلام ثم على تضاعف المصيبة بمن شاهده يحتج في هذه القصة بعينها بقول الفاسق عمرو بن سعيد معارضة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتكلم في دين الله تعالى ويغر الضعفاء بأنه عالم وما العاصي لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم الا الفاسق عمر بن سعيد ومن ولاه وقلده، وما حامل الخربة في الدنيا والآخرة الا هو ومن أمره وأيده وصوب قوله * قال أبو محمد: فهذا نفق تراتر ثلاثة من الصحابة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبو هريرة وابن عباس وأبو شريح كلهم يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ان مكة حرمها الله تعالى) فبيقين ندري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم مكة خصوصا القتال المحرم بالظلم لأنه محرم في كل مكان في الأرض لكنه عليه الصلاة والسلام نص على أنه إنما حرم القتال المأمور به في غيرها لأنه عليه الصلاة والسلام المقاتل في مكة ولا قتل إلا بحق ونهى عن ذلك القتال بعينه غيره وحرم أن يحتج به في مثله وقطع الأيدي فيه سفك دم والقصاص كذلك فلا يحل فيها البتة، وقد شغب قوم بما روينا من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى قلت لما لك نا ابن شهاب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال: ان ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه) قال نعم: وهذا لا حجة لهم فيه لان هذا كان حين دخوله مكة عام الفتح وهي الساعة التي أحلها الله تعالى له ثم خبر عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني أنها قد عادت إلى حرمتها إلى يوم القيامة فإذ قد ارتفع الاشكال وجب تأمين من دخل مكة جملة من كل قتل وقصاص وحد، وبالله تعالى التوفيق * فان قال قاتل ممن يحتج لهذا القول إن الله تعالى يقول: (والحرمات قصاص) فمن انتهك حرمة في الحرم وجب ان ينتهك منه مثل ذلك في الحرم قلنا له: هذا عموم يخصه قول الله تعالى: (ومن دخله كان آمنا) ويخصه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمها أن لا يسفك فيها دم أصلا إلا من قاتلنا فيه من المشركين وبالاجماع في الدفاع عن النفس الظلم فصح ان الله تعالى لم يرد قط ان من انتهك حرمة الحرم أن ننتهكها نحن أيضا قصاصا منه وأنه لا يقام عليه حتى يخرج