أو لم يكن شئ من ذلك الا أن يكون أفضل لها في دينه وحسن صحبته فله حينئذ أن يخطب على خطبة غيره ممن هو دونه في الدين وجميل الصحبة أو الا ان يأذن له الخاطب الأول في أن يخطبها فيجوز له ان يخطبها حينئذ أو الا ان يدفع الخاطب الأول الخطبة فيكون لغيره ان يخطبها حينئذ أو الا أن ترده المخطوبة فلغيره ان يخطبها حينئذ والا فلا * برهان ذلك ما رويناه من طريق مسلم حدثني أبو الطاهر انا عبد الله بن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة انه سمع عقبة بن عامر على المنبر يقول: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن ان يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر) ففي هذا الخبر تحريم الخطبة على خطبة المسلم حتى يذر * ومن طريق أحمد بن شعيب انا إبراهيم بن الحسن المصيصي نا حجاج هو ابن محمد قال: قال ابن جريج: سمعت نافعا يحدث ان ابن عمر كان يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبيع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب * قال أبو محمد: وأما إذا ردته المخطوبة فقد وجب عليه قطع الخطبة لان في تماديه الاضرار بها والظلم لها في منعه بذلك غيره من خطبتها فكل خطبة تكون معصية فلا حكم لها وأما إذا كان فوقه في دينه وحسن صحبته فلحديث فاطمة بنت قيس المشهور:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: من خطبك؟ قالت: معاوية ورجل من قريش آخر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما معاوية فإنه غلام من غلمان قريش لا شئ له وأما الآخر فإنه صاحب شر لا خير فيه أنكحي أسامة قالت: فكرهته فقال لها ذلك ثلاث مرات فنكحته) * وروينا من طريق مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس فذكرت حديثها وفيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: فإذا حللت فأذنيني قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لامال له انكحي أسامة بن زيد قالت: فكرهته ثم قال انكحي أسامة فنكحته جعل الله فيه خيرا واغتبطت) * قال أبو محمد: فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار عليها بالذي هو أجمل صحبة لها من أبى جهم الكثير الضرب للنساء، وأسامة أفضل من معاوية، فان قيل. وما يدريك ان هذا الخبر كان قبل خبر النهى عن أن يخطب أحد على خطبة أخيه قلنا: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصحية) وهذا حكم