والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * واحتجوا بأنه لما كان حد الأمة نصف حد الحرة وجب أن تكون عدتها نصف عدة الحرة * قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله باطل ثم لو صح القياس لكان هذا منه أفسد قياس وأشده بطلانا لم نبينه عليه إن شاء الله تعالى، والعجب فيما روى ولم يصح عن ابن مسعود أيجعلون عليها نصف العذاب ولا يجعلون لها نصف الرخصة؟ وأن هذا لبعيد عن رجل من عرض الناس فكيف عن مثل بن مسعود رضي الله عنه لأنه يقال لقائل هذا القول ومصوبه ما نحن جعلنا عليها نصف العذاب ولا نحن نجعل لها نصف الرخصة بل الله تعالى جعل عليها نصف العذاب حيث شاء ولم يجعل لها نصف الرخصة وما كان ربك نسيا، ثم هبك لو جعلنا نحن عليها نصف العذاب وكان ذلك مباحا لنا أن نجعله فمن أين وجب علينا أن نجعل لها نصف الرخصة إن هذا لعجب لا نظير له * وأما فساد هذا القياس فان قياس هذه العدة على حد الزنا فاسد لأنه لا شبه بين الزنا الموجب للحد وبين موت الزوج وطلاقه، والقياس عندهم باطل إلا على شبه بين المقيس والمقيس عليه فصح على أصولهم بطلان هذا القياس فكيف عند من لا يجيز القياس أصلا، والحمد لله رب العالمين ثم فساد آخر وهو أنهم أوجبوا القياس على نصف الحد في الأمة وهم لا يختلفون في أن حد الأمة في قطع السرقة كحد الحرة فمن أين وجب أن تقاس العدة عندهم على حد الزنا دون أن يقيسوه على حد السرقة؟ ثم هلا قاسوا عدة الأمة من الطلاق والوفاة بالأقراء وبالشهور على ما لا يختلفون فيه من أن عدتها من كل ذلك إن كانت حاملا كعدة الحرة فلئن صح القياس يوما فان قياس العدة من الوفاة والطلاق على العدة من الوفاة والطلاق لاشك عند من عنده أدنى فهم أولى من قياس العدة على حد الزنا فلاح فساد قياسهم في ذلك كظهور الشمس يوم صحو والحمد لله رب العالمين * ثم العجب كله من قياس مالك عدة الأمة من الوفاة على عدتها عنده بالأقراء ثم لم يقس عدة الأمة بالشهور من الطلاق على عدتها بالشهور من الوفاة بل جعل عدة الأمة بالشهور من الطلاق كعدة الحرة ولا فرق، وهذه مناقضات وأقوال فاسدة لا تخفى على ذي حظ من فهم، ثم عجب آخر وهو أنهم جعلوا عدة الأمة من الوفاة نصف عدة الحرة من الوفاة شق الأنملة ثم اختلفوا فجعل أبو حنيفة والشافعي عدة الأمة بالشهور من الطلاق نصف عدة الحرة بالشهور من الطلاق وجعل مالك عدة الأمة من الطلاق بالشهور كعدة الحرة من الطلاق بالشهور سواء سواء، ثم جعلوا ثلاثتهم عدة الأمة بالأقراء ثلثي عدة الحرة بالأقراء فهل في التلاعب أكثر من هذا مرة نصف عدة الحرة ومرة مثل عدة الحرة ومرة ثلثي عدة الحرة كل هذا بلا قرآن
(٣١٠)