فقد كفونا مؤنتهم في هذين الخبرين * وأما الحنيفيون فإنهم احتجوا بهما وهما ساقطا لان أحدهما من طريق مظاهر بن أسلم وهو في غاية الضعف والسقوط، والعجب أن الحنيفيين من أصولهم ان الراوي إذا خالف خبرا رواه أو ذكر له فلم يعرفه فإنه دليل على سقوط ذلك الخبر احتجوا بذلك في خبر اليمين مع الشاهد وبالخبر الثابت من مات وعليه صيام صام عنه وليه، وفي الخبر الثابت أيما امرأة نكحت بغير اذن مواليها فنكاحها باطل، وفي الخبر الثابت في رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، وفي الخبر الثابت في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا، ثم يتعلقون بهذا الخبر الساقط الذي لا خير فيه، وقد صح عن القاسم بن محمد كما ذكرنا آنفا ان الحكم بأن عدة الأمة حيضتان لم يأت به سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويردون الاخبار بأنها زائدة على ما في القرآن كما فعلوا في الخبر الثابت بالمسح على العمامة ثم يحتجون بهذين الخبرين الساقطين وهما مخالفان لما في القرآن حقا فاعجبوا لعظيم تناقض هؤلاء القوم، والخبر الثاني من طريق عمر بن شيب المسلى. وعطية وهما متفق على ضعفهما فلا يحل الاخذ بهما ولو صحا لما سبقوا إلى القول بهما وقالوا: وهو قول جمهور السلف الصالح من الصحابة والتابعين * قال أبو محمد: وهذا أيضا لا يمكن المالكيين ولا الشافعيين الاحتجاج بهذا لأنهم مخالفون لكل من جاء عنه في ذلك قول من الصحابة رضي الله عنهم لان الثابت عن عمر بن الخطاب وابنه. وزيد بن ثابت والمأثور عن ابن مسعود أن عدة الأمة حيضتان وهذا خلاف قول المالكيين. والشافعيين. وإذا جاز عندهم أن يخطئ الصحابة في مئية الأقراء من الأمة فلا ننكر على من قال بذلك في كمية عدتها * وأما الحنيفيون فإنما صح ذلك عن عمر. وابنه. وزيد فقط، وأيضا فان عمر قد بين انه رأى منه ولا حجة في رأى وقد صح عن عمر. وابنه. وزيد التحذير من الرأي ولا حجة في رأى أحد، وعمر يقول: لو استطعت أن أجعل عدتها حيضة ونصفا لفعلت، وما ندري كيف هذا وأي امتناع في أن يقول إذا رأت جمهور الحيضة وفورها قد أخذ في الانحطاط فقد حلت لأنه بلا شك قد مضى نصف الحيضة، وقد قلنا: لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا فيما خلا من المسائل في كتابنا هذا قبل هذه المسألة ما قالوه مما خالفوا فيه بآرائهم جمهور الصحابة رضي الله عنهم بل كل من روى عنه في ذلك قول مما لا يعرف ان أحدا قاله قبلهم كثيرا جدا كقولهم فيما يحل به وطئ الحائض إذا رأت الطهر، وكقولهم في صفة الاحداد وغير ذلك كثيرا جدا، وقد قلنا: لا حجة في قول أحد دون القرآن
(٣٠٩)