قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم " تحيض في علم الله ستا أو سبعا " قلنا: لا يصح ولو صح لكان عليكم لا لكم لأنكم لا تقولون بهذا التحديد في أقل الحيض ولا في أكثره، فان قالوا: صح انه عليه الصلاة السلام قال: " انظري عدد الأيام والليالي التي كنت تحيضين " قلنا: لاشك في أنه عليه الصلاة والسلام إنما أمر بذلك من كانت تحيض أياما وليالي وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام قال: " إذا اتاك قرؤك فلا تصلى فإذا مر القرء فتطهري ثم صلى من القرء إلى القرء " فلم يجعل عليه الصلاة والسلام لذلك حدا لا يكون أقل منه فصح ان ذلك الخبر لمن لها أيام وليالي معروفة، فهذا الآخر لمن لم يبلغ الليالي ولا الأيام كل خبر على ظاهره دون تكلف تأويل فاسد أو ترك أحدهما للآخر وبالله تعالى الوفيق * فان قيل إن الله تعالى جعل ثلاثة أشهر بإزاء ثلاثة اقراء قلنا: نعم وليس ذلك بموجب انه لا يكون قرؤ في أقل من شهر ولا في أكثر منه وأنتم أول مبطل لهذه الحجة لأنكم تجيزون كون قرءين في شهر واحد وتجيزون أن يكون قرء واحد أكثر من ثلاثة أشهر فبطل كل ما شغبوا به، فان قالوا:
لا تظهر البراءة من الرحم في نصف شهر فأقل قلنا ولا في ثلاثة أشهر وكلكم يجعل العدة تتم بالأقراء في أقل من ثلاثة أشهر، واما مالك فإنه قال: الحيض متى ظهر تركت الصلاة والصوم وحرم وطؤها على زوجها فمتى رأت الطهر منه صلت وصامت وحلت لزوجها الا ان ذلك لا يكون طهرا تعتد به في العدة * قال أبو محمد: وهذا في غاية الفساد إذ من المحال أن يكون حيضا وطهرا يحيل حكم الصلاة والصيام وإباحة الوطئ وتحريمه ولا يكون حيضا وطهرا يعد قرءا في العدة هذا قول لاخفاء بفساده لأنه خلاف للقرآن والسنن ولقول كل من سلف، وما نعلم لأبي حنيفة ومالك انهما تعلقا في هذه المسألة بقول أحد من السلف فوجب الرجوع إلى كلام الله عز وجل وبيان رسوله صلى الله عليه وسلم فوجدناه تعالى قال: (ثلاثة قروء) ولم يحد في ذلك بعدد أيام لا تتجاوز (وما كان ربك نسيا) وأمر عليه الصلاة والسلام إذا أقبلت الحيضة ان تدع الصلاة فإذا أدبرت صلت وصامت وحلت لبعلها، وقال عليه الصلاة والسلام: " دم الحيض اسود يعرف فإذا أقبل فدعى الصلاة " ولم يحد عليه الصلاة والسلام في ذلك حدا فلا يجوز لاحد التحديد في ذلك الا انه ان أنكر زوجها ذلك لم تصدق الا ببينة عدل كما ذكرنا وكذلك ان ادعى الزوج ان عدتها قد تمت وقالت: هي لم تتم فالزوج غير مصدق الا ببينة وهي مصدقة مع يمينها لأنها مدعى عليها وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد: وقد شغب بعضهم في تصديقها في انقضاء عدتها بقول الله تعالى: