والثياب المصبوغة بالورس والزعفران والعصفر خاصة ولا تدهن بزيت أصلا سواء مطيبا كان أو غير مطيب وأباحوا لها الخز الأحمر. وقال مالك: تجتنب الزينة كلها والحلي الخاتم وغيره ولا تلبس الخز ولا العصب إلا العصب الغليظ خاصة ولا ثوبا مصبوغا إلا بسواد، ولا تكتحل أصلا ولا تقرب شيئا من الطيب ولا دهنا مطيبا بريحان أو غيره ولا تمتشط بحناء ولا بتكتم ولا بشئ يختمر في الرأس لكن بالسدر وما أشبهه وتدهن بالزيت والشيرج، وقال الشافعي: تجتنب الزينة كلها والدهن كله الزيت وغيره في الرأس وغيره ولا تكتحل بما فيه زينة، ولا بأس بالكحل الذي لا زينة فيه فان اضطرت إلى ما فيه زينة منه جعلته ليلا ومسحته نهارا كالصبر ونحوه، وتجتنب كل صباغ فيه زينة وتلبس البياض والمصبوغ بالسواد والخضرة المقاربة للسواد وما ليس بزينة وتجتنب الطيب * قال أبو محمد: كل هذه الأقوال خطأ لاخفاء به لأنها ليس بشئ منها برهان يصححه لا قرآن ولا سنة، ولا سيما قول أبي حنيفة في تخصيص ما صبغ بورس أو زعفران أو عصفر خاصة، وقول مالك في اجتناب العصب إلا الغليظ منه، وقول الشافعي في تخصيص الأصباغ فإنها أقوال لا تعرف عن أحد قبلهم ولا معنى (1) لها أصلا، فان قيل: المعنى في الاحداد اجتناب الزينة قلنا: حاشى لله من ذلك والله لو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لما عجز عن كلمة واحدة يقولها ولا يطول بذكر الصباغ إلا العصب وبذكر الطيب الا القسط والأظفار عند الطهر خاصة وبذكر الكحل والامتشاط والاختضاب خاصة وهو عليه الصلاة والسلام قد أوتى جوامع الكلم، ومن الباطل المتيقن أن ينسب إليه عليه الصلاة والسلام انه أراد الزينة فلم يسمها ولم يرد الا بعد الصباغ فسماه عموما هذه الباطل الذي لاشك فيه والكذب المقطوع به، وكل قول عرى من البرهان فهو باطل * فان قالوا: إنما قصد بالاحداد الحزن قلنا: هذا الكذب لو كان ذلك لكان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم الذي لاحزن أوجب من الحزن عليه صلى الله عليه وسلم ثم على الأبوين ولو أن امرأة أعلنت بأنها لم تسر قط كسرورها بموت زوجها لما كان عليها في ذلك اثم ولا ملامة إذ لم تقصر في حقوق التبعل (2) في حياته ولو كان للحزن عليه لكان مباحا لها بعد العدة والحزن عليه بعد العدة ليس محظورا، ولا يجوز لها الاحداد كثر من المدة المذكورة، وههنا قول آخر كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن حميد ان الحسن البصري كان يقول: المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها يكتحلان ويمتشطان ويطيبان ويختضبان وينتعلان ويضعان ما شاءتا * ومن طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة أن المتوفى عنها لاتحد *
(٢٧٩)