بعد حصول المعلق عليه يصير الحكم فعليا منجزا على العبد وحجة عليه، لا بانقلاب القضية التعليقية إلى التنجيزية أو انقلاب موضوعها إلى موضوع آخر، فإنه غير معقول، فالموضوع في القضية التعليقية هو العصير لا العصير المغلي ولو بعد حصول المعلق عليه، فالغليان ليس قيدا له في وعاء من الأوعية وما قرع الأسماع من أن الجهات التعليلية ترجع إلى التقييدية إنما هو في القضايا العقلية لا القضايا العرفية والظواهر اللفظية، وهو ظاهر لدى التأمل.
ثم إن الظاهر من القضايا التعليقية هو جعل الحكم على الموضوع على تقدير وجود المعلق عليه، ففي المقام جعل النجاسة والحرمة على تقدير وجود الغليان، وينتزع منه سببية الغليان لهما أو ملازمتها معه لا أقول: لا يمكن جعل السببية أو الملازمة ثبوتا، بل أقول: إن الظاهر منها في مقام الاثبات جعل الحكم، لا جعل السببية أو الملازمة فهما منتزعتان من جعل الحكم عقلا لا مجعولتان شرعا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه إن قلنا بأن النجاسة في العصير العنبي مستفادة من القضية التعليقية فإن قلنا بأن المستفاد منها هو سببية الغليان لها أو ملازمته لها فاستصحابهما وإن كان تنجيزيا والسببية والملازمة شرعية لكن تحقق المسبب بتحقق سببه، وكذا تحقق الملازم بتحقق صاحبه عقلي، فاستصحاب السببية المجعولة لعصير العنب لا يثبت نجاسة عصير الزبيب المغلي إلا بالأصل المثبت، وكذا استصحاب الملازمة فصرف كون السببية أو الملازمة شرعية لا يوجب التخلص عن المثبتية.
وإن قلنا بأن المستفاد منها الحكم التعليقي فيجري استصحابه من غير شبهة المثبتية، لأن حصول الحكم بحصول المعلق عليه شرعي، فكأن الشارع المقدس قال: تعبديا بأنه إذا وجد غليان عصير الزبيب وجدت