فإذا قال ابن أبي عمير: حدثني النرسي قال: حدثني علي بن مزيد قال الصادق عليه السلام كذا، فما أخبر به ابن أبي عمير ويصح أن يكون كاذبا فيه وصادقا ويمكن الحكم بصحته والاجماع على تصحيحه هو إخباره بأن زيدا حدثني، وأما قول النرسي وعلي بن مزيد وكذا قول الصادق عليه السلام فليس من إخباره، ولهذا لو كان إخبار النرسي أو علي بن مزيد كاذبا لا يكون ابن أبي عمير كاذبا، وليس ذلك إلا لعدم إخباره به، وصحة سلبه عنه، وهو واضح جدا.
فهل ترى من نفسك لزوم تصديق الجماعة حتى فيما لا يقولون؟
بل قالوا إنا لم نقله، فإذا كذب علي بن مزيد مثلا على الصادق عليه السلام ونقل ابن أبي عمير قوله، ثم قيل له: لم كذبت على الصادق عليه السلام؟
يصح له أن يقول: إني لم أكذب عليه، بل نقلت عن زيد وهو عن علي بن مزيد وهو كاذب لا أنا ولا زيد، وإنما كررنا هذا الأمر الواضح لما هو مورد الاشتباه كثيرا.
فما قد يقال في رد هذا الاحتمال - من أنه لا يخفى ما فيه من الركاكة خصوصا بالنسبة إلى هؤلاء الأعلام، ولو كان المراد ما ذكر اكتفي بقوله أجمعت العصابة على تصديقهم بل هنا دقيقة أخرى وهي أن الصحة والضعف من أوصاف متن الحديث تعرضه باعتبار اختلاف حالات رجال السند - لا يخفى ما فيه من الغفلة عن أن ذلك من قبيل الفرار من المطر إلى الميزاب، فإنه يلزم منه عدم قيام الاجماع على تصديقهم في الأخبار مع الواسطة، حتى بالنسبة إلى تحديث الوسائط إلا بدعوى تنقيح المناط، نعم لازم تصديقهم وثاقتهم وصداقتهم في النقل، وهو واضح.
وأما دعوى ركاكة دعوى الاجماع على صرف تصديقهم سيما في هؤلاء العظماء ففيها أنه إذا قام الاجماع على تصديق هؤلاء فأية ركاكة