الأصل السببي على المسببي في جميع الموارد.
مثلا إذا شك في نجاسة الثوب المغسول بما شك في كريته فاستصحاب الكرية ينقح موضوع الدليل الاجتهادي تعبدا، فينطبق عليه الدليل الاجتهادي، أي أن الكر مطهر لما أصابه وغسل فيه، وليس مفاده: إذا شككت فيما غسل فيه فهو طاهر، بخلاف مفاد استصحاب نجاسة الثوب، فإن مفاده إذا شك في نجاسته فهو باق عليها، فمفاد الأول بعد تطبيق الدليل أن هذا طاهر، ومفاد الثاني إذا شك في نجاسته فهو نجس.
وإن شئت قلت إن استصحاب الكرية في المثال لا يعارض استصحاب النجاسة لتعدد موضوعهما، وإنما التعارض بين مفاد الدليل الاجتهادي المنطبق على المستصحب تعبدا بعد ضم الوجدان وبين مفاد استصحاب نجاسة الثوب، والأول مقدم بلسانه على الثاني وحاكم عليه ولو كان تنقيحه ببركة التعبد ببقاء الكرية بالاستصحاب، وكذا الحال في المقام، فتدبر واغتنم.
ورابعة بأن الحكم إنما تعلق بالعصير لا بالعنب حتى قال ببقاء الموضوع، وهذا الاشكال يقرر بوجهين: أحدهما أن موضوع الدليل الاجتهادي عصير العنب لا نفسه، وهو غير باق، فإن الزبيب لما كان مسبوقا بالعنبية صح أن يقال: إن هذا الموجود كان كذا والآن كما كان لكن عصيره لم يكن مسبوقا بعصيرية العنب حتى يجئ فيه ما ذكر، فاسراء الحكم من عصير العنب إلى عصيره إسراء له من موضوع إلى موضوع مباين له في المفهوم والحقيقة والوجود.
وفيه أنه بعد فرض تعلق الحكم بعصير العنب يصح أن يقال عليه إن عصير هذا الموجود إذا غلى يحرم وينجس، فإذا يبس وصار زبيبا يقال: إن هذا الموجود كان عصيره كذا والآن كما كان.