معلومة العدم، وأما التشبث بقول ابن الأعرابي وغيره من أئمة اللغة فمع الغض عن عدم حجية قولهم في غير المعاني اللغوية - وذكر وجه التسمية غير داخل في فنهم، بل من قبيل الاجتهاد في أصل اللغة - أن العبارة المنقولة منه دالة على أن كل ما تغير ريحها يسمى خمرا، بل تدل على أن الخمر سميت بذلك لهذا الوجه، والافتراق بينهما ظاهر لا يخفى.
وأما قوله: " اختمارها تغير ريحها " فإن أراد به الاخبار عن حقيقة كيمياوية فهو غير مسموع منه، لعدم كونه داخلا في فنه، إلا أن يدعى التجربة، وهي كما ترى، هذا مضافا إلى أن الظاهر من تلك العبارة أن الخمر سميت خمرا لأنها - أي الخمر - تركت واختمرت وتغيرت حالها، لا أن العصير إذا ترك وتغير حاله يصير خمرا ويسمى بها، فلعل مراده أن وجه تسمية الخمر أنها إذا تركت تتغير في ريحها وتأويل كلامه بما يرجع إلى ما أراد المستدل بلا حجة لا داعي به.
واستدل أيضا بما دل على حرمة ما تغير من العصير وغيره إذا نش وغلى بنفسه، وأمر النبي صلى عليه وآله بإهراق ما تغير ونش والأمر بغسل الإناء الذي ينبذ فيه لكيلا يغتلم، وبروايات النهي عن الانتباذ في جملة من الأواني، أو مطلق استعمالها كالدباء والمزفت والحنتم والنقير (1).
وأنت خبير بما في الاستدلال بها لاثبات مسكرية ما غلى بنفسه من الوهن بعد التأمل فيما مر، والتميز بين المسألتين المتقدمتين أي مسألة حرمة ما نش وغلى والاختلاف في غايتها ومسألة نجاسة العصير المغلي التي تفرد بالتفصيل فيها ابن حمزة كما مر، ومع جعل ذلك نصب عينيك تهتدي إلى أن ما تمسك به لمدعاه من الأخبار وكلمات الأصحاب