التحقيق في أصل مسألة تداخل الأسباب والمسببات والبحث هنا يقع في جهات:
الجهة الأولى: في الوجوه الدالة على التصرف في المقدم أو التالي إذا تعدد الشرط والسبب نوعا واتحد الجزاء، فهل يتعين التصرف في ظاهر المقدم، أم يتعين التصرف في ظاهر التالي؟ بعد العلم الاجمالي بلزوم التصرف في أحدهما، لامتناع بقائهما على حالهما، وهو تعدد السبب ووحدة المسبب. مع أن إطلاق كل واحد من المقدم والتالي، يقتضي تعدد السبب في المقدم، ووحدة المسبب في الجزاء والتالي.
ولأجل ذلك اختلفوا في هذه المسألة وهي تداخل الأسباب وعدمه، وذكروا وجوها لتعيين أحد الظهورين:
الوجه الأول: أن تعدد السبب مستند إلى الدلالة الوضعية أو ما يقرب منها، لأن كل واحدة من القضيتين تدل على دخالة الشرط، إما بالوضع كما مر (1)، أو لأجل خصوصيات نفس القضية، ولو كان السبب المقدم - وهو البول مثلا في المثال المعروف - علة تامة، والنوم المتأخر ساقطا عن العلية، يلزم سقوط القضية عن الدلالة بالمرة، وهو خلاف الأصل، بخلاف التصرف في الجزاء، فإنه بالتصرف فيه، وتقييده على الوجه الموجب لتعدده القابل لتعلق الأوامر الكثيرة به، يتحفظ على مفاد الشرط، ولا يلزم سقوط دلالتها كما لا يخفى، ولا تلزم لغويتها في عبارة أخرى.
وإن شئت قلت: إن استناد الجزاء إلى الشرط - لأجل الإطلاق الراجع إلى